zakri74 ....
عدد الرسائل : 2133 تاريخ الميلاد : 01/01/1984 العمر : 40 العمل/الترفيه : كيف تعرفت علينا : عبر google تاريخ التسجيل : 29/05/2009
| موضوع: التنمية ودور المرأة السوسية 10/1 الأربعاء يوليو 22, 2009 1:31 pm | |
| التنمية ودور المرأة السوسية 10/1
الدور الديني كان لانتشار الإسلام بالمنطقة دور كبير في تمسك السوسيين بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومحافظتهم على تقاليدهم الأصيلة، وعني السوسيون بتعاليم الدين الإسلامي وتمسكوا به، ويظهر ذلك في اعتنائهم بحفظ القرآن الكريم، وقد كانت القرى تحرص على تحفيظ القرآن لأولادها، إما بالرضى أو رغما عنهم، فقد أدى هذا إلى أننا لا نكاد نمر بقرية من تلك القرى دون أن نجد غالبية سكانها حافظين للقرآن، فقد حاولوا إغناء معارفهم بالانتماء إلى الزوايا الصوفية المتواجدة بالمنطقة كالتيجانية والناصرية والدرقاوية، فأهل سوس معروفون بمحافظتهم الصارمة على الدين وإرجاع شؤون حياتهم اليومية بتفاصيلها إليه. وبذلك عرفت سوس علماء وفقهاء ومتصوفة الذين يعتبرون رجالات العلم العربي بسوس، وقد خصهم المرحوم المختار السوسي تآليفه التي حاول من خلالها رصد هذه النخبة وأدوارها سواء في "المعسول" أو في كتاب "سوس العالمة" "ورجالات العلم العربي بسوس" "وخلال جزولة" وعمل كذلك على تتبع الأسر العلمية التي تسلسل فيها العلم، فهذه الجماعة على معرفة بتعاليم الدين الحنيف. ولها مكانة هامة داخل مجتمعها، وكانت تقوم بعدة وظائف كالقضاء والتعليم بالمدارس والمساجد والزوايا، والعلم في سوس أساسا العلم الديني، وهي التي يطلبها طالب العلم بالأساس. والآن ماذا عن تعليم المرأة السوسية؟ وهل نجد داخل هذه الثقافة الدينية نساء عالمات، فقيهات، متصوفات؟ بالرجوع إلى المصادر التي أرخت لنساء سوس ككتب المناقب والمعسول نجد كوكبة كان لهن حضور بارز في الحقل الديني ومنهن عالمات وفقيهات ومتصوفات، ومنهن من بلغن درجة الولاية الصوفية ومارسن التعليم والوعظ، وكانت لهن تآليف باللسان المحلي في الفقه والتصوف إذ بالرغم من الصعوبات والعوائق التي تواجه طلب العلم في هذه الجهة عامة وما يعترض المرأة بصفة خاصة من مواقف ترفض تعليمها حين تصل إلى سن معين، فإن هذا لم يمنع من إلتحاقها بالتعليم، ونبوغ نخبة من النساء كانت لهن مكانة علمية مرموقة. ويتحدث المؤرخ المرحوم المختار السوسي في كتابه المعسول عن كثير من النساء قمن بأعمال الخير وأغلبهن من الصالحات الناسكات، كنا عارفات بأمور الدين، ويتبرك بهن، فثقافتهن يغلب عليها الطابع الديني، بحكم نشأتهن في وسط ديني محافظ، متمسك بتعاليم الدين، وملتزم بنقلها إلى أبنائه وبناته، فبعض الأسر العلمية في سوس خصصت أساتذة تعليم بناتها كل العلوم وحفظ القرآن. فقد ورد عن المختار السوسي في كتابه المعسول في شأن والدته رقية بنت محمد بنت العربي الأدوزية«كانت أول معلمة من النساء في إليغ، ومهذبة البنات في دار والدي» «أول ما أعلنه عن والدتي هاته: أنها هي التي سمعت منها بادئ ذي بدأ تمجيد العلم وأهله، وإكبار تلك الوجهة» «كانت درجت بين يدي والدها: علامة جزولة في عصره، فكان يهم أن يدفع بها إلى الدراسة الواسعة في ميدان العلوم بعد أن أتقنت حفظ كتاب الله» «فعول والدها أن يدخل بها في طور العلوم فإذا بتزويجها جاء بغتة، وذلك عند مراهقتها، قال: فحين أرادت أن تركب على البغلة جاءت حتى قبلت رأسي، فركبت ولوحتها معها» «فكانت هي معلمة الدار والمرشدة والواعظة للوافدات إلى الشيخ... وكان تعليمها للبنات مقصور على ما تيسر من القرآن وتعليم الكتاب والتهجي، والتمرين حتى تقرأ التلميذة من عند نفسها الكتب الشلحية الموجودة بكثرة، المشتملة على السير والأحاديث والقصص» . فنجد أيضا الفقيهة والمدرسة «عائشة الأكمارية التي يقول عنها المختار السوسي أنها: "فقيهة أتقنت مترجم المختصر للهوزالي فكانت تملي على زوجها الفقيه محمد بن عبد الله الوفي ما كان يتوقف عليه، وحفظت بعض القرآن، وتتصدر مجالس النساء وتملي عليهن وتعظهن"» ومن النساء السوسيات العالمات نجد: رحمة بنت الإمام محمد سعيد السوسي المرغيتي، ألفت مختصرا فقهيا وكانت على درجة عالية من العلم. وفاطمة بنت محمد الهيلالية من وعل (توعلان) لها ترجمة في فهرس تلميذها محمد بن عمر السوسي الييبوركي يصفها فيه بالفقيهة العالمة السالكة. ويذكر أخذها عن الشيخ أبي العباس بن ناصر لها شهرة ومنظومات شلحية. ونجد كذلك السيدة الفاضلة فاطمة بنت أحمد بن بلقاسم بن علي الإفراني من أسرة آل أبي القاسم بن علي بمسجد الجمعة، فقد ورد عن المؤرخ المرحوم المختار السوسي في كتابه "المعسول" و" إليغ قديما وحديثا" في شأن هذه المرأة الفاضلة:«حين عرفنا شأن هذه الأسرة وزاويتها التي لا تصاهر إلا الأسر التي تحتل قمة الشرف وذروة المجد، ومن هذه الأسرة فاطمة بنت أحمد التي أنجبت رجلا عظيما وهو حاكم إمارة جنوب المغرب التي يعترف لها بالجميل والإخلاص وكلاهما مقبول، وكانت رحمة الله عليها تناقش المواضيع المختلفة وكانت تعطي الدروس للنساء ومحبوبة عندهم والزاوية التي تتواجد بها عامرة دائما بالنساء من كل جهة، ولم تكتفي رحمة الله عليها بالدروس الدينية بل تعطي النصائح وتدافع عن حقوق المرأة وتحل جميع مشاكل النساء وتحث المرأة زوجها وطاعة الله سبحانه وتعالى حتى لقيت ربها» . إلى جانب هذه النماذج من النساء الفقيهات نجد نماذج للمرأة الولية الصالحة فاطمة بنت سيدي سليمان التي يقول عنها المختار السوسي في كتابه المعسول:«كانت من الصالحات العابدات الناسكات، ولها بركة عظيمة، ونور يتلألأ عليها من بركاتها أن كل مريض أتى إليها ووصفت له دواء فاستعمله فإنه يبرأ عاجلا...مطلقة اليد لا تمسك شيء، فما كان عندها أخرجته للزائرات والزائرين من عسل أو سمن، أو قمح أو شعير فلا يبيت أحد في فم دارها إلا أكل حتى شبع وبهيمته» . « ومن عجائبها أنها تسبح في الليل وتزور الصالحين، ولا يراها أحد وترجع وتصلي الصبح في دارها. لقي بعضهم بعض الصالحات فقال لها :لا أرى معك وليا، فقالت إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين » . ونجد كذلك محمد بن احمد الحضيكي يتحدث في مناقبه عن حواء بيت أحمد بنت محمد الحضيكي "من أعمامنا كانت رضي الله من العابدات القانتات الصابرات الخاشعات المتصدقات الصائمات الحافظات الذاكرات الله كثيرا الرقيبات المتيقظات لا تغفل عن الله وأهوال الآخرة في كل أوقاتها كثيرة البكاء خوفا من مكر الله وعقابه وكانت رضي الله عنها ثنيا في الدار وتصاحب والدتي رحمة الله عليها في الله وتلازمها المحبة في الله خاصة حتى ما مامت الوالدة» . ويحكي لنا المختار السوسي عن امرأة أخرى فاطمة موهادوز يقول عنها:«أنها عظيمة القدر كبيرة الشأن ممن أخد عن الشيخ، فحصلت لها مقامات وخوارق وعن كيفية دخولها في الطريقة يقول أنها كانت تسترق السمع للحديث الذي كان يدور بين الشيخ وزوجها في محاولة لضمه لصفوفه، فتأثرت بكلام الشيخ فما أصبح الصبح حتى إنقشع الضباب ورفع الغشاوة وزال الحجاب وتقول واصفة حالتها: فإذا أنا قد نسيت كل الأولاد وأهل والزواج والدنيا جميعا وأدركت معنى قول مادح الرسول من قصيدة:" تفتل المال، تراودة الوالدين النبي محمد لحرمننا إذن منغي" أي ما ترجمته أنت أغلى عندي من المال والأولاد والوالدين أيها النبي محمد، بحرمتك اقبلني أن أرافقك» . فقد غلب عليها الوجد الصوفي حتى حال بينها وبين إرضاع وليدها، واستولت عليها حالة من الصمت ومازالت تترقى حتى بلغت درجة الولاية ونسجت حولها كرامات وخوارق منها أن الأرض كانت تطوى لها طيا، وتجالس الشيوخ الكبار واكتسبت بذلك مشروعية الولاية. ونجد كذلك"حكا" أو حواء بنت سيدي يحيى بن سيدي محمد بن علي بن احمد بن محمد بن يوسف الرسموكي وهي«صالحة،عابدة، يعتقدها الناس، لها مشهد يقام عليه موسم نسائي» . بالإضافة إلى تعزى السملالية"«ربيعة زمانها، ذات الشهرة الفائقة ولها أخبار» . لذا نستخلص من خلال قراءتنا لبعض الكتابات التاريخية لمحمد المختار السوسي كالمعسول ومن أفواه الرجال وكذلك مناقب محمد بن أحمد الحضيكي حين تحدثهم عن بعض النساء الشهيرات سوس غلبة الطابع الوليات الصالحات عليهن. والملاحظ كذلك أن المرأة السوسية كان لها الحضور في الحقل الديني والصوفي، ومن الجرد السابق لبعض أسماء النساء السوسيات نجد غلبة الولية الصالحة ويعود بالأساس إلى سيادة التصوف والطرقية في منطقة سوس وكثرة الزوايا، وكان لكل طريقة أتباعها سواء الدرقاوية أو الناصرية، وفي هذه التنظيمات الطرقية كانت المرأة حاضرة في الولاية تعمل على استقطابهن في إطار المنافسة بين الطرق الصوفية وبهذا استطاعت المرأة السوسية تحصيل العلم الديني بالتغلب على كل العوائق لتبرهن أن العلم والولاية لا يقتصر عل الذكور فقط، وبهذا تكونت نخبة من النساء الشهيرات عالمات وفقيهات ومتصوفات. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|