التعليم العتيق في سوس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - بداية ظهور المدارس العتيقة في المغرب
يذكر العلامة المرحوم السيد محمد المختار السوسي أن أول مدرسة عرفت في بوادي المغرب الإسلامي هي مدرسة أكلو بضواحي تزنيت المؤسسة في أواخر القرن الخامس الهجري.ومنذ هذا التاريخ تتكون هذه المدارس خلال القرون المتتابعة إلى أن نيف عددها على المائتين كما ذكره ليوطي في إحدى خطاباته وهي مدارس علمية تولاها الشعب بجهوده الخاصة كما تولى كتاتيب القرآن التي لا تخلو منها كل قرية قرية لحفظ كتاب الله تعالى لأبنائه وبناته من طرف المقرئين الذين هم في نفس الوقت مكلفون بإمامة الصلوات الخمس في المساجد للمواطنين.
وإلى جانب هذه الكتاتيب القرآنية توجد مدارس أخرى خاصة بالقراءات ينتقل إليها التلاميذ الحافظون لكتاب الله في الكتاتيب والراغبون في التخصص في القراءات القرآنية التي يتنافس عليها الحفاظ في مختلف القبائل قديما وخاصة في مناطق جبالة وسوس وغيرهما من مناطق المملكة المغربية.
2 - طبيعة تمويل وتسيير هذه المدارس
وتتولى القرية تسيير كتابها بما يحتاج إليه من تموين وصيانة كما تتولى القبائل تسيير المدارس بما تحتاج إليه منشؤون التموين والصيانة أيضا تنفق القرية على الكتاب من مالها حبوبا وصوفا وزبدا ومن الاحباس الخاصة به وتمون المقرئ بالغذاء والعشاء والهجورى كما تنفق القبائل على مدارس العلم القراءات من أعشارها وهداياها المتواصلة على العلماء والمقرئين الذين يتمتعون بتقدير كبير من طرف السكان فهي تشاطرهم أجرة معلومة من محصولهم حبوبا وإداما زيتا أو سمنا أو هما معا وتمونهم من هري المدرسة الذي يجمع فيه ثلث الأعشار كما تمون منه الطلبة المرابطين في المدرسة إما بواسطة خادم تطبخ للطلبة والأستاذ غذاءهم وعشاءهم وإما مناوبة بين أهل القبيلة الذين قرروا أن تاتي التي فيها النوبة لتاخذ الحبوب من هري المدرسة فتهيئها خبزا أو كسكسا ثم تاتي به إلى المدرسة.
والإشراف على الكتاتيب من اختصاص المقرئين. كما أن إدارة المدرسة ةالتكلم في شؤون الطلبة من اختصاص الفقهاء الذين يقومون في نفس الوقت بدور المفتين والقضاة للفصل بين المتخاصمين ونشر الامن الروحي بين المواطنين والمحاطين بهالات من احترام وتقدير ملوك المغرب عبر أطوار تاريخهم المجيد.
3 - الأطر التي تتخرج من هذه المدارس
وتعتبر هذه المدارس في القديم بمثابة الجامعات فهي تزود الوطن بمختلف الأطر التي يحتاج إليها في مختلف الميادين وتطبعه بطابع النبل والإيمان وتجعله ملتزما بالسلوك الإسلامي ومنقادا لخلق القرآن ومطبقا لمدلولات البيعة ومحافظا على حقوق الإنسان وطموحا إلى التفوق في العلوم العرفان ومتشبتا بأدب التراحم والإيثار والاتزان ومخلصا اشؤون العدل والفضل ونشر ألواية الأمن والامان.
وقد خرجت هذه المدارس الأفواج تلو الأفواج من العلماء والزعماء والمؤلفين في مختلف العلوم موزعين على مختلف القبائل ابتداء من القرن الخامس الهجري إلى حدود عام 1358هــ الأمر الذي اوجب لسوس أن تلقب بالعالمة وأن تعمل شاكرة لله تعالى لتنوير جهات أخرى خارجها بمختلف العلوم والمعارف وان تلتزم بمدلولات تلك العلوم وتطبيقها التطبيق العملي لينتشر نورها في الساحات ويسود العدل والأمن في المجتمعات ويعبد الله حقا في مختلف الطبقات.
وقد طبعت حياة مؤسسيها والقائمين عليها والدارسين فيها بروح الصلاح والإصلاح والإيثار والتضحية لإعلاء كلمة الله والعمل على تسيير شؤون الحياة ونشر الفضل والنبل والرحمة والإحساس بين عيال الله انطلاقا من مؤسسة المدرسة الأولى منها أبي محمد وكاك وتلميذه عبد الله بن ياسين وأقطاب آخرين من رواد هذا العلم النافع وبناة هذا المجد الشامخ في مدارسهم وزواياهم أمثال حسين بن علي الشوشاوي وسعيد الكرامي السملالي وخالد بن يحيى الكرسيفي ومحمد بن يعقوب التمنارتي وأحمد بن موسى الجزولي ومحمد بن يعقوب التاتلتي ومحمد بن سليمان الروداني ومحمد بن سعيد المرغيتي وعبد الله بن سعيد المناني ويحيى بن عبد الله بن سعيد وغيرهم من الافذاذ التمليين والجشتيميين والإلغيين والأقاريضيين والتيمكديشيين الذين أبلوا البلاء الحسن في تركيز العلوم العربية والإسلامية في أجيال الشباب عبر العصور.