السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالشفاعة هي التوسط للغير في جلب المنفعة أو دفع المضرة.
وهي قسمان :
القسم الأول : الشفاعة التي تكون في الآخرة ـ يوم القيامة.
القسم الثاني : الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا .
فأما الشفاعة التي تكون في الآخرة فهي نوعان :
النوع الأول: الشفاعة الخاصة، وهي التي تكون للرسول صلى
الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق وهي
أقسام :
أولها: الشفاعة العظمى
ثانيها : الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة
النوع الثالث : شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:
ثالثها : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أناس
من أمته الجنة بغير حساب
النوع الثاني: الشفاعة العامة، وهي تكون للرسول صلى الله
عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين
والصالحين وهي أقسام:
أولاها: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار في أن يخرجوا منها .
ثانيها: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا
يدخلوها، وهذه قد يستدل لـها بقول الرسول صلى الله عليه
وسلم : ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا
لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه) أخرجه مسلم
فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.
ثالثها: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة
أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة
شروط هذه الشفاعة :
1) رضا الله عن المشفوع له، لقول تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن
ارتضى) الأنبياء/ 28 . وهذا يستلزم أن يكون المشفوع له
من أهل التوحيد لأن الله لا يرضى عن المشركين.
2) إذن الله للشافع أن يشفع لقوله تعالى : ( من ذا الذي
يشفع عنده إلا بإذنه ) البقرة/255 .
3) رضا الله عن الشافع، لقوله تعالى: (إلا من بعد أن يأذن
الله لمن يشاء ويرضى) النجم/26.
كما بَيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن اللعانين لا يكونون
شفعاء يوم القيامة كما روى مسلم في صحيحه عن
أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّعَّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ
يَوْمَ الْقِيَامَة "ِ.
القسم الثاني: الشفاعة المتعلقة بالدنيا ،
فهذه جائزة بشرطين :
1) أن تكون في شيء مباح، فلا تصح الشفاعة في شيء يترتب
عليه ضياع حقوق الخلق أو ظلمهم ، كما لا تصح الشفاعة في
تحصيل أمر محرم. كمن يشفع لأناس قد وجب عليهم الحد أن لا
يقام عليهم، قال تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان) المائده/2 .
2) أن لا يعتمد بقلبه في تحقيق المطلوب ودفع المكروه إلا على
الله وحده ،وأن يعلم أن هذا الشافع لا يعدو كونه سببا أَذِنَ
الله به، وأن النفع والضر بيد الله وحده ، وهذا المعنى واضح
جدا في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ومن خلال ما سبق يتضح لكل منصف أن الشفاعة المثبتة هي
الشفاعة المتعلقة بإذن الله ورضاه ،لأن الشفاعة كلها ملك
له . و يدخل في ذلك ما أذن الله به من طلب الشفاعة في أمور
الدنيا من المخلوق الحي القادر على ذلك ، و ينتبه هنا إلى
أن هذا النوع إنما جاز لأن الله أذن به ، وذلك لأنه ليس فيه
تعلقٌ قلبيٌ بالمخلوق وإنما غاية الأمر أنه سبب كسائر الأسباب
التي أذن الشرع باستخدامها . وأن الشفاعة المنفية هي التي
تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، لأن غير الله لا
يملك الشفاعة و لا يستطيعها حتى يأذن الله له بها ، ويرضى .
فمن طلبها من غيره فقد تعدى على مقام الله ، وظلم نفسه ،
وعرضها للحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم
القيامة ،
نسأل الله العافية والسلامة ، ونسأله أن يُشفِّع
فينا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم .. آمين .
الموضوع منقول من موقع الاسلام سؤال وجواب