موضوع: مذكرات جنوبية (رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات):المذكرة الثانية : هاربة من سخط إلى لعنة

تذكير بالاستهلال:
هاذي الاستهامات الجنوبية نهمسها في أذن كل جنوبي وجنوبية لنستشعر معا ونتألم معا ونعمل معا على تشخيص الداء ونصنع أخلاط وتراكيب الدواء..
ننبش في ماضي وحاضر جنوبيات لنستشرف مستقبلا رحيما بهن..
نكتب لنعزف جميعا سمفونيات درامية تستحث المشاعر وتلهبها حزنا لأوضاع آن لنا أن ننهض لها لمحاربتها...
إليكم أحبائي الجنوبيين والجنوبيات أهدي :

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هاتوا هداياكم ، هاتوها ، هاتوا كرمكم هاتوه، جودكم لاتبخلون، هاتوا وصلكم ، مدوه ولاتقطعوه ، هاتوا أحضانكم دفأها حنانها ، نبع سقيكم لاتجفوه ، هاتوا رضاكم سخطكم لاتعلنوه ، فأنا منكم لا ترمون...

تعيش المسكينة الألم بدموع الندم والرجع ينقلها من عسيرة إلى أخرى ، وهي تناجي في نفسها الغربة والقسر والقهر بعدما تسلمها أحلامها من نفسها إلى نفسها فلاتجد إلا الحسرة والبكاء سلاحا وهي الوداع واللقاء والنار والماء والشوك والورد في كومة أحاسيس الرجع البركانية اللهب التي لا تنهي سمفونيتها ...
لتجدها وقد لفت دوامة تفكيرها لحظة زفها لشريك حياة لا تعرف عنه لا القليل ولا الكثير ولربما تجدها لاتعرف عن تجربة الزواج إلا ما ترسمه أخيلتها الأسطورية عن عوالم لاتملك الإحاطة بمكنوناتها وخباياها المعقدة المشتبكة مع شبكة علاقات اجتماعية تربوية نفسية لا تقدر الحس والشعور، ولاتعرف إلا الدوس على النفس وعلى الحق وعلى الخير، تشهر سلاح العرف والتقيلد والتحكم سيفا قاطعا ، يخنق الأنفاس منهن ، ويفتك ويهتك ويصدم ويقطع ولايصل...
ولاتعرف المسكينة وسط زحمة مشاعرها إلا الهرب إلى دوامتها التي لاينتشلها منها إلا صوت مئذنة أو سوط عنيد جنوبي ينقلها من ألم حسي إلى ألم عضوي...
يومها دخلت عليها الأم تعلن خبر زفها لفلان ، ليتطاير التساؤل من خلدها دون شعور وكأنها تريد الهروب من بيت لتستجم بفيء بيت آخر!! :
- من ؟؟ والشوق لتجربة مجهولة يهز أشجانها
- صفعتها الأم بكلام: " بنات اليوم لا يستحيين " ، " كنا لما جاءنا العريس مطأطآت الرأس " ، " كنا لا نستجرئ على السؤال " ، " آه لو علم أبوك أمر استفسارك ل..." ...

أتراها قد ظفرت " بمن ترضون دينه وخلقه " ، حتى أصدر الأب الحكم القرار بزفها؟؟؟
تسلمها لقاءاتها بصاحباتها اللواتي وصلهن الخبر ، لتخبرها إحداهن أنها سمعت أخاها يتحدث عن خطيبها معلنا أنه عليل كسول خمول لا يتورع عن الفحش وأصنافه ، فبكت دموعا لم تجفها استغاثتها بأمها التي لا تفتأ تصفعها :
" بنات اليوم لا يستحيين " ، " كنا لما جاءنا العريس مطأطآت الرأس " ، " كنا لا نستجرئ على السؤال " ، " آه لو علم أبوك أمر استفسارك ل..."
لتستسلم لقدرها المحتوم وتفاجأ بلعنة الحياة التعيسة بين زوجها العليل وأمه الأعل ، فلا تجدها إلا شهرا معهما فلحظة دخول إلى بيت أبيها وأمها فرجعة أخرى من رجعاتها الكثيرات هروبا من السخط إلى اللعنة التي تطوق عالمها ، لتعتصم بحبال أبنائها وبناتها المولودون قسرا بين خطيئتي السخط واللعنة التي هربت منهما إليهما دون أن تدرك ذلك ولاسببه على مر السنون ...
فلا رحمة رحمت ولا مودة ودت ولالطفا تلطفت ولا حسا أحست ولا شعورا شعرت خلا العنف والحرمان والبغض والقسوة التي ملأت نفسها وقلبها وعقلها حتى تطبعت على حياة الكدر والحزن ، فلا تجد إلا صيديقتها الحميمة السيدة دوامة ، التي تطوف بها وتدور في معظم لحظات حياتها ؛ شقائها الأبدي وهي التي تبحث عن الحل وتريد رسم حدود للمسؤول عن كدرها الذي استقوى على نفسيتها حتى كبلها وصار عقدا مع استدارات الدوامات ولفاتها المرطونية التي طبعتها :
هاتوا هداياكم ، هاتوها ، هاتو كرمكم هاتوه، جودكم لاتبخلون، هاتوا وصلكم ، مدوه ولاتقطعوه ، هاتوا أحضانكم دفأها حنانها ، نبع سقيكم لاتجفوه ، هاتوا رضاكم سخطكم لاتعلنوه...
مات الأب وتبعته الأم وكبر الأبناء وتزوجت البنات وبقي العناد والكسل والخمول وهي بعد تبحث عن جواب لأسئلتها:
متى الخلاص؟؟
من المسؤول ؟؟

وإلى اللقاء بكم في مذكرة أخرى من مذكرات جنوبية
(رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات)
همس الجنوبي
ليلة 12/04/2010

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]