؛°`°؛مُنـتديات مدينة ايت باها °؛° شجرة ألأركان شعار ألمنطقة؛°`°؛

سررنا جداً بزيارتك شبكة منتديات ايت باها
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكريم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
؛°`°؛مُنـتديات مدينة ايت باها °؛° شجرة ألأركان شعار ألمنطقة؛°`°؛

سررنا جداً بزيارتك شبكة منتديات ايت باها
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكريم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
؛°`°؛مُنـتديات مدينة ايت باها °؛° شجرة ألأركان شعار ألمنطقة؛°`°؛
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

؛°`°؛مُنـتديات مدينة ايت باها °؛° شجرة ألأركان شعار ألمنطقة؛°`°؛

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ ((‏‏((‏‏(‏‏(‏‏ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏‏ ‏‏ ))))))
 
الرئيسيةبوابة المنتدىأحدث الصورالتسجيلدخولالتسجيل

 

 مصــــادر التفسيــــــر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
taslit onzar
....
....
taslit onzar


مصــــادر التفسيــــــر Empty
انثى
الحمل
عدد الرسائل : 165
تاريخ الميلاد : 04/04/1986
العمر : 37
كيف تعرفت علينا : عبر google
تاريخ التسجيل : 30/01/2009

مصــــادر التفسيــــــر Empty
مُساهمةموضوع: مصــــادر التفسيــــــر   مصــــادر التفسيــــــر Icon_minitimeالثلاثاء يناير 05, 2010 3:30 pm

مصــــادر التفسيــــــر افتراضي


ذهب الزركشي إلى أن تفسير القرآن قسمان، منه ما ورد تفسيره بالنقل، ومنه ما لم يرد ، وبهذه الطريقة المنهجية الرائعة استطاع هذا العالم الجليل أن يبين أن مصادر التفسير الأساسية - والتي كاد العلماء يجمعون عليها أمرهم - خمسة :
1- القرآن الكريم .
2- السنة النبوية الشريفة .
3- أقوال الصحابة .
4- أقوال التابعين .
5- اللغة وعلومها .

وفي ذلك يقول : "واعلم أن القرآن قسمان أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره ، وقسم لم يرد.

والأول على ثلاثة أنواع : إما أن يرد التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة ، أو عن رؤوس التابعين . فالأول يبحث فيه عن صة السند، والثاني ينظر في تفسير الصحابي ، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم ، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه ، وحينئد إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر قدم ابن عباس ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشره بذلك حيث قال :"اللهم علمه التأويل" . وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض ، لقوله -صلى الله عليه وسلم- "أفرضكم زيد"، فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء . وأما الثالث وهم رؤوس التابعين إذ لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- فحيث جاز التقليد فيما سبق، فكذا هنا، والأوجب الإجتهاد .الثاني : مالم يرد فيه نقل عن المفسرين . وهو قليل، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها، واستعمالها بحسب السياق..." .
أولا : القــــــــرآن :
يقسم العلماء القرآن الكريم من حيث الوضوح والبيان إلى قسمين: الأول بين بنفسه ، والثاني يحتاج إلى بيان ، وهذا البيان قد نجدله في القرآن ، أو في السنة أو غيرها من المصادر التي أوردناها سابقا .
فالقرآن الكريم كلما قرأه الإنسان قراءة واعية، وصادقة مترفعة عن كل هوى ، إلا تفتقت له أسراره ، وعندها يتضح له أن هناك بعض الآيات التي أشكل عليه أمرها في سورة من السور، قد ارتفع إشكالها بقراءة آية أخرى تكون موضحة ومفسرة لها، كما يتبين له أن ما أجمل في موضع قد فصل في آخر، وما اختصر في مكان قد بسط في مكان آخر. ومن ثم دأب المفسرون على القول إن القرآن يفسر بعضه بعضا، وفي ذلك يقول الدكتور صبحي الصالح : " "القرآن يفسر بعضه بعضا" ،
يردد المفسرون هذه العبارة كلما وجدوا أنفسهم أمام آية قرآنية تزداد دلالتها وضوحا بمقارنتها بآية أخرى، وإن لهم أن ينهجوا في تأويل القرآن هذا المنهج لأن دلالة القرآن تمتاز بالدقة والإحاطة والشمول ، فقلما نجد فيه عاما أو مطلقا أو مجملا ، ينبغي أن يخصص أو يقيد أو يفصل ، إلا تم له في موضع آخر ما ينبغي له من تخصيص أو تقييد أو تفصيل ولقد كانت هذه الدلالة الشاملة جديرة أن توحي إلى العلماء وضع مصطلحات خاصة يرمز كل منها إلى السمة البارزة في كل فكرة يدعو إليها القرآن ، وفي كل مشهد يصوره ، ومن هنا نشأ في الدراسات الإسلامية ما يسمى بمنطوق القرآن ومفهومه ، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومفصله."

فإذا كانت هذه هي طبيعة الذكر الحكيم ، فإنه يتعين على مفسره جمع الآيات التي أشكل عليه فهمها ، ثم يعرضها على الآيات الأخرى ليزيل إشكالها ويرفع غموضها، وبذلك يخرج بتفسير قرآني للقرآن الكريم. ومن ذلك أن يحمل المجمل على المبين ليفسره، ومثاله قوله تعالى :{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} ، فسرتها الآية الثالثة والعشرون من سورة الأعراف : {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}، كما أنه يحمل العام على الخاص، وقد غالى بعض العلماء في ذلك وهو القاضي جلال الدين البلقيني لدرجة لا يتصور معها بقاء العام على عمومه دون تخصيص ، ومثاله -أي العام الباقي على عمومه- عزيز، إذ ما من عام وإلا يتخيل فيه التخصيص . فقوله تعالى :{يا أيها الناس اتقوا ربكم} قد يخص منه غير الكافر. و {حرمت عليكم الميتة } خص منه حالة الاضطرار، وخص منه السمك والجراد. و{حرم الربا} وخصص منه العرايا" .

ويؤكد ذلك الدكتور صبحي الصالح فيقول :"ومن المحقق أن العالم غالبا تصحبه قرينة تمنع بقاءه على عمومه نحو {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله}. فلا يراد من أهل المدينة والأعراب إلا القادرون على الجهاد ، أما العجزة فلا يشملهم التعبير لأن العقل يقضي بخروجهم ".

وقد يحمل المطلق على المقيد كلفظ مسفوح في قوله تعالى : {قل لا أجد في ما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير}، فلفظ مسفوحا "قيد لفظ الدم المطلق في قوله جد وعلا :{حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخزير} .

ومنه كذلك الجمع بين ما يتوهم أنه مختلف كالآيات التي تتحدث عن خلق آدم ، ومنه كذلك حمل بعض القراءات على بعضها ، مثال ذلك قراءة ابن مسعود -رضي الله عنه- : (أو يكون لك بيت من ذهب) المفسرة للفظ الزخرف في القراءة المشهورة : {أو يكون لك بيت من زخرف }. ومن القراءات ما يختلف زيادة ونقصانا ، فتكون الزيادة في إحداها مفسرة ومبينة للقراءة الأخرى .

وهناك من العلماء من يرى أنها من أوجه القرآن. والبعض يرى أنها ليست قرآنا ، بل هي من قبيل التفسير، إلا أنهم لا يختلفون في كونها مرجعا مهما من مراجع تفسير القرآن بالقرآن، وفي ذلك يقول الدكتور محمد حسين الذهبي : "ومما يؤيد أن القراءات مرجع مهم من مراجع تفسير القرآن بالقرآن ما روى عن مجاهد أنه قال : "لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس ما احتجت أن أسأله عن كثير مما سألته عنه".

وهكذا يتضح لنا أن القرآن هو المصدر الأول للتفسير ، وهو عمل يتميز بصفتين : بالأهمية والصعوبة . وتتمثل أهميته في أننا إذا توصلنا إلى استخراج تفسير قرآني للقرآن الكريم ، فإن ذلك سيخلصنا من كثير من التناقضات التي نجدها في بعض التفاسير، كما أنه سيوقفنا على المعنى الحق للذكر الحكيم .

أما صعوبته فتكمن في تفرق الآيات التي يفسر بعضها بعضا مما يتطلب عملا دؤوبا من أجل جمعها ثم تصنيفها حسب الموضوعات ثم النظر فيها من حيث منطوق القرآن ومفهومه، ومجمله ومفصله ، ومطلقه ومقيده، وعامه وخاصه.

ثانيـــا : الســـنة النبويـــة الشريــفــة :
يعتبر المصطفى -عليه الصلاة والسلام- أعلم البشر بكتاب الله تعالى جملة وتفصيلا، فقد وقف على معرفة مطلقة ومقيده ، وعامه وخاصه، ومفهومه ومنطوقه ، وحلاله وحرامه، ونهيه وأمره، وكان كلما أشكل عليه شيء من الذكر الحكيم راجع جبريل - عليه السلام- الذي يبلغه عن ربه ما يرفع الإشكال، ويوضح الغرض ويتم الحجة . ومن ثم يحق لنا أن نعتبر الرسول- عليه الصلاة والسلام - أول مفسر للذكر الحكيم ، وقد فهم الصحابة -رضوان الله عليهم- ذلك فكانوا يراجعونه -عليه الصلاة والسلام- في كل ما أشكل عليهم فهمه من القرآن الكريم، حتى إننا لنجد في كتب الحديث المعتبرة بابا خاصا بالتفسير ، وهو متضمن للكثير من التفسير المأثور عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-مثال ذلك ما رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (الصلاة الوسطى صلاة العصر)" .

وبذلك أصبحت السنة -من أقواله وأفعاله وتقريراته -عليه الصلاة والسلام- مصدرا أساسيا من مصادر التفسير ، فإذا "لم يستطع القارئ أن يفهم القرآن من القرآن ، فإنه يتجه إلى السنة كما أسلفنا تحقيقا لقوله تعالى :{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} . وقد قال -صلى الله عليه وسلم- : (ألا إني أوتيت علم الكتاب ، وأوتيت مثله معه )".
والأخذ بالسنة في التفسير يحتاج إلى شيء من التفقه في علوم الحديث وذلك حتى يميز صحيحها من ضعيفها وموضوعها، وقد حذر العلماء من النقل عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغير علم، لأن ذلك قد يوقعهم في الكذب عليه من غير أن يشعروا ، ومثال تحذيراتهم ما أثبته الزركشي في البرهان حيث يقول :"وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع ، فإنه كثير، وإن سواد الأوراق سواد في القلب، قال الميموني : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ثلاث كتب ليس لها أصول : المغازي والملاحم والتفسير. قال المحققون من أصحابه : ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة ، ولا فقد صح من ذلك كثير".

أوجــــه بيــــان السنـــة للقــــرآن
يمكننا النظر إلى بيان السنة للقرآن الكريم من وجهين :
الأول :
هو ما يتعلق ببيان السنة النبوية الشريفة لمجمل القرآن الكريم نحو بيانه -صلى الله عليه وسلم - لمواقيق الصلاة ، وعدد ركعاتها وكيفيتها ، وفي ذلك يقول -عليه الصلاة والسلام - صلوا كما رأيتموني أصلي ) .

كما أنها توضح مشكله ، ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى : {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجرثم أتموا الصيام إلى الليل}.

فقد عمل عدى ابن حاتم بحرفية النص ، وقال : يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين ، عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : ( إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار) .
وقد كان بعض الصحابة يراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أشكل عليه من القرآن ، مثلما حدث من عمر بن الخطاب الذي لم يتبين له معنى الكلالة فراجع الرسول الكريم .

كما أن السنة تخصص عا القرآن الكريم وتقيد مطلقه. ومثال ذلك تخصيصه -صلى الله عليه وسلم - لكلمة "الظلم " في قوله تعالى : {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} بالشرك، وكذلك تقييده "اليد" في قوله تعالى : {فاقطعوا أيديهما} باليد اليمنى . كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم - قد يبين معنى لفظة مبهمة أو غامضة ، كبيان المغضوب عليهم باليهود ، والضالين بالنصارى . وذلك في قوله تعالى : {غير المغضوب عليهم ولا الضالين }.
وقد يكون بيانه -عليه الصلاة والسلام - للقرآن الكريم عبارة عن تأكيد لما جاء فيه نحو قوله : (إنه لا يحل مال امرىء إلى بطيب منه) ، فإنه يوافق قوله تعالى : {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} .
الثــــانــــي :
من حيث الموضوعات الكبرى التي تعرض لها الذكر الحكيم وهي ثلاث :
1- الأحكام الفقهية المتعلقة بالحلال والحرام ، وبالعبادات والمعاملات : ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم - : (لا وصية لوارث) فهذا بيان منه أن آية الوصية للوالدين والأقربين منسوخ حكمها وإن بقيت تلاوتها.
وقد بين كذلك أحكاما زائدة على ما جاء في القرآن الكريم، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع، والقضاء باليمين مع الشاهد. وقد يكون بيانه -صلى الله عليه وسلم- لما ورد من أحكام فقهية في القرآن الكريم إما "بالقول وحده أو بالفعل وحده ، أو بهما معا، كما صلى وقال صلوا كما رأيتموني أصلي) وحج وقال : (خذوا مناسككم )".
2- ما يتعلق بالعقيدة وضرب الأمثال لها : من ذلك ما ورد في السنة من وصف الجنة وما بها من نعيم مقيم، والنار وما بها من جحيم وعذاب أليم ، فعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك ، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس).
3- والقسم الثالث من بيان السنة للقرآن الكريم هو ما يتعلق بالقصص القرآني : وقد ورد شيء قليل منه في كتب السنة المعتبرة ، ومن ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه فقال : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار، قال أخبرني سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس -رضي الله عنهما- إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو صاحب بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر، فقال : كذب عدو الله . حدثنا أبي بن كعب ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل ، فسئل أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه . فقال له : بلى لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك ... إلى آخر الحديث ) .

ومما ورد في كتب السنة الصحيحة من تفسيره -صلى الله عليه وسلم - لبعض آي القرآن الكريم يتبين لنا أنه قد أوتي جوامع الكلم، وأن من القرآن ما لا يتوصل إلى تفسيره إلا عن طريقه . من ذلك "تفصيل وجوه أمره ونهيه ، ومقادير ما فرضه الله من أحكام . وهذا البيان هو المقصود بقوله -صلى الله عليه وسلم - ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)" .
وبذلك تكون السنة هي المصدر الوحيد لتفصيل أحكام الحلال والحرام، والعبادات والمعاملات ، ومن تجاوز تفسير السنة لتلكم الأمور المجملة فقد افترى على القرآن ، وتجنى على صحب الرسالة ذلك "أن الإتجاه إلى تفسير القرآن من غير اعتماد على السنة، والإستعانة بها في هذا الباب خروج على الشريعة . فقد قال تعالى : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم } .

والذين يتركون السنة زاعمين أنهم يأخذون بالقرآن يهجرون القرآن والسنة معا ويحاربون تبليغ النبي -صلى الله عليه وسلم - لرسالته".

ومما سبق يمكننا القول إن القرآن خير مفسر لكتاب الله تعالى ، لأنه سبحانه وتعالى ، أعلم بما جاء في كتابه، ويأتي بعده في الأهمية والأفضلية السنة النبوية المطهرة ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتصف بالعصمة ، ومعرفته مستمدة من علم الله سبحانه وتعالى ، كما أن وظيفتــه الأساسيــة هي التبليــغ والشـرح والبيـان، ومن ثم فتفسيـره - صلى الله عليه وسلم- للقرآن أمر توقيفي لا مجال للإجتهاد فيه.

هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم ؟
اختلف أهل السنة في الكمية التي فسرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القرآن الكريم. وقد نشأ هذا الخلاف بين العلماء بعد أن تناقل الناس الحديث الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- والذي مفاده أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما كان يفسر من كتاب الله إلا آيا يعلمه إياهن جبريل. ومن ثم انقسموا إلى فريقين :
1- الفريق الأول يقول إن الرسول قد فسر القرآن كله، وقد قال به جمع من السلف، وحكى ذلك عنهم القرطبي في تفسيره حيث قال :"وروى الأوزاعي عن حسان ابن عطية قال كان الوحي ينزل على رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك(2) ، وروى سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال : القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن ، وبه عن الأوزاعي قال : قال يحيى بن أبي كثير : السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة . قال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن هذا الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب ، فقال : ما أجسر على هذا أن أقوله ، ولكن أقول : إن السنة تفسر الكتاب وتبينه " .

وهذه الأقوال كلها وإن كانت لم تصرح بأن السنة قد فسرت القرآن كله، إلا أننا إذا أمعنا فيها النظر وجدناها تفيد ذلك .

ولعل الإمام الطبري (224هـ/310هـ) هو أول مفسر بين أن السنة مفسرة لكل القرآن الكريم، وإن كان لم يصرح بذلك، وإنما يفهم من خلال مناقشته لحديث السيدة عائشة السابق الذكر. وهذا نص كلامه: "أما الخبر الذي روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلى آيا بعدد ، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل وهو : إن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه ، وحلاله وحرامه ، وحدوده وفرائضه ، وسائر معاني شرائع دينه الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل ، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة ، لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا يعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه ، إما مع جبريل أو مع من شاء من رسله إليه ، فذلك هو الآي التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه ، وهن لا شك آي ذوات عدد ...

ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه ، كان إنما أنزل إليه -صلى الله عليه وسلم - الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين ما أنزل إليهم ... ".

وهو نفس ما يستخلص من مناقشة الإمام عبد الحق بن عطية(481هـ/542هـ) لدلالة الحديث الذي روته السيدة عائشة، من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفسر شيئا من القرآن برأيه إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.

ولعل أول من صرح بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم -قد فسر القرآن كله هو الإمام ابن تيمية ، وذلك في تابه "مقدمة في أصول التفسير" حيث يقول : "يحب أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه ، فقوله تعالى : {لتبين للناس ما نزل إليهم}( يتناول هذا وهذا ".

وإذا كان الرسول قد بين المعاني والألفاظ القرآنية ، فإن ذلك يعني أنه قد فسر لصحابته كل القرآن الكريم : أمره ونهيه ، حلاله وحرامه، محكمه ومتشابهه ناسخه ومنسوخه ، عمومه وخصوصه .

ولا يفهم من هذا أن ابن تيمية يعتبر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد فسر القرآن كله آية آية تفسيرا قوليا ، وإنما قصده أنه قد فسره كله بالمعنى الشامل للسنة، أي بالقول والفعل والإقرار. وفي ذلك يقول الدكتور صبري متولي : "إن التفسير النبوي للقرآن ليس معناه الحجم المقروء الذي وصل إلينا ، بل إن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريراته تعد تفسيرا للقرآن . وقد قالت عائشة -رضي الله عنها- كان خلقه القرآن)" .
ويفهم هذا كله من قول ابن تيمية -رحمه الله- : "كل ما حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن : قال الله تعالى : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} . وقال تعالى : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }. وقال تعالى : { وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}. ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (ألا إني أوتيت القرىن ومثله معه) يعني السنة ، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لأنها تتلى كما يتلى ".

وجدير بالذكر أن ما بين أيدينا من تفسيرات الرسول -صلى الله عليه وسلم- للذكر الحكيم ليست هي كل ما قاله في ذلك، بل هو ما وصلنا عن طريق الرواة ، وهناك احتمال كبير في أن قسما كبيرا من تفسيراته -صلى الله عليه وسلم - للقرآن الكريم قد ضاعت مع موت الصحابة أو استشهادهم في حروب الردة التي استشهد فيها جمع كبير من علماء الصحابة ، وقراء القرآن الكريم ، وحفظة السنة النبوية.

2- وأما الفريق الثاني فيرى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسر جزءا من القرآن الكريم ، وقد قال بذلك الإمام السيوطي ، وصاحب مقدمة كتاب المباني، وهو كتاب مجهول اعتنى آرثر جفري بنشر مقدمته في التفسير، وقد جاء فيها ما نصه : " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفسر إلا آيا معدودة من قبله . إن الذين شاهدوا نزول القرآن نجما نجما ، وعاينوا الحوادث التي نزل فيها ، وعرفوا المتقدم فيه والمتأخر، لم يحتاجوا في بيان أحكامه في باب الخصوص والعموم ، والناسخ والمنسوخ إلى ما يحتاج إليه من بعدهم ممن لم يشاهد تلك الأحوال ، لا سيما وهم أرباب اللغة العربية التي نزل بها القرآن ، قد نشأوا عليها حتى كانت لهم طبعا وسجية لم ينكت فيها مراس لغة أخرى بفساد ، فما الذي كان يحوجهم إلى تفسير ما يتلى عليهم مما هم بحقيقته عارفون إلا آيا معدودة قد أجملت فيها أحكام الشريعة بحيث لا يوقف عليه إلا بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما الذي يغنينا عن طلب ما عرفوه لمشاهدة أحوال النزول ، ولسلامة طباعهم في اللغة العربية بما أمكننا من شدة الجهد لعلنا نقف من ذلك بعد الجهد على بعض ما كانوا يقفون عليه عفوا".

وقد قال بذلك أيضا جماعة من العلماء المحدثين ، ومنهم الدكتور عبد شحاته الذي يرى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يمكنه أن يفسر كل القرآن لأن منه ما استأثر الله سبحانه بعلمه. وفي ذلك يقول :
"والحق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الكثير من معاني القرآن لأصحابه كما تشهد بذلك كتب الصحاح، ولم يبين كل معاني القرآن ، لأن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها ، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله ، قال ابن عباس (التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله)".

وللشيخ متولي شعراوي رأي قويم في هذه المسالة ، فهو ينظر إليها بناء على التفريق بين آيات الأحكام والآيات الكونية ، فإذا جاز لنا أن نقول إن الرسول فسر القرآن كله فإن ذلك سيضعنا أمام مفارقة غريبة ، إذ كيف سيفسير الآيات الكونية ، أيفسرها على حقيقتها التي هي عليها في الواقع، أم يفسرها بما تطيقه عقلية معاصريه ؟، وفي ذلك يقول: "لم يفسر لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن ، لأنه لو فسره لكان يجب أن يفسره بما تطيقه عقول معاصريه، ولو فسره بالأشياء التي توجد في القرن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين لتعجب معاصروه أيما تعجب، ولاستعظموه أيما استعظام ، لأنه للآن مازال أناس ينكرون أن الأرض تدور، ولو أنه -صلى الله عليه وسلم - فسره على قدر عقل معاصريه ومعلوماتهم الكونية لحجر علينا ولجمد القرآن ، لأن من يتصدر لتفسير القرآن بعد ذلك سيواجه بأن الرسول فسره هكذا، وعليك ألا تزيدعن ذلك، ولذلك فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك تفسير القرآن حتى تأخذ كل مرحلة فكرية من لمحات القرآن بقدر ما تستطيع ، وذلك في أمور الكونيات ، أما المطلوب من الأحكام فقد بينها صلوات الله عليه وأوضحها للناس" .

ويستخلص من ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفسر القرآن كله،لأنه لو فسره كله لكان أحد أمرين :
1- ستصبح تفاسير القرآن الكريم عبارة عن تحصيل حاصل، لا تضيف شيئا.
2- سينتج عن ذلك جمود القرآن جمودا يجعله متجاوزا بمضي الزمن، فضلا عن أنه يشكل مصادرة خطيرة للعقل البشري.

ويـرى الدكتـور محمـد بلتـاجي أنه ليـس في قولنا بعـدم تفسيره -صلى الله عليه وسلم- لكل القرآن تعارض مع وظيفة الرسول كمبين للذكر الحكيم، وهذا نص كلامه :"ولايعارض هذا كله قوله تعالى : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} ، لأن البيان المطلوب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هنا هو أن يبين للصحابة وللمسلمين من بعدهم ما يفسر لهم ما ورد في القرآن من أصول العقيدة وأصول الدين، وما ورد فيه من الأحكام التشريعية العملية التي احتاج إليها المسلمون في عصره. وحديث معاذ بن جبل صريح في أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرر لمعاذ أنه سيقابل قضايا لا يجد نص حكمها مفصلا في آيات القرآن ، ولا فيما فسره من السنة ، ومن ثم أقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على بذل جهده فيها بقياس الشبيه ، وبغير ذلك من أوجه الاعتبار التي علمها لهم ، فالبيان الذي أمر به الله رسوله ، وقام به الرسول هو ما يفسره القرطبي بقوله: "وأنزلنا إليك الذكر : يعني القرآن ، لتبين للناس ما نزل إليهم في هذا الكتاب من الأحكام ، والوعد والوعيد ، بقولك وفعلك ، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- مبين عن الله عز وجل مراده مما أجمله في كتابه من أحكام الصلاة والصيام ، وغير ذلك مما لم يفصله" .

والراجح أنه ليس هناك تعارض بين الرأيين خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن ابن تيمية - وهو من أشد من يصرون على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد فسر القرآن كله لأصحابه- لم يجعل تفسير الرسول قاصرا على السنة القولية وحدها ، بل أخذ بعموم مفهوم مصطلح السنة من قول وفعل وإقرار ، هذا من جهة . ومن جهة أخرى فإن ما كان يحثه على الإصرار على موقفه السابق هو خشيته أن يظن الناس أن في القرآن ما لا يدرك علمه إلى الله، وأن الخطاب القرآني بالنسبة للمخاطبين به من قبيل الكلام الأعجمي، حيث اتخذ ذلك تكأة لكل التأويلات المنحرفة والضالة ، خاصة ما يتعلق منها بالصفات، حيث اعتبروها من المتشابه الذي لا يعلم معناه . وفي ذلك يقول ابن تيمية : "ويبين ذلك أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله ، ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أهل العلم والإيمان جميعهم وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس. وهذا لا ريب فيه.
وإنما وضع هذه المسألة المتأخرون من الطوائف بسبب الكلام في آيات الصفات وآيات القدر وغير ذلك " .

فابن تيمية قد ناقش هذه القضية بشكل مفصل ، وبين أن القرآن قد جاء ليتعبد به ، وليتدبر ، فيكون هداية وعبرة للعالمين، ومن ثم يستحيل أن نكون مأمورين بتدبره والتفكر فيه ثم يعجم علينا بعضه أو جله . وقد دفعه ذلك إلى التفريق بين فهم معنى الآية وإدراك تأويلها على ما سنبينه عند الحديث عن الفرق بين التفسير والتأويل عند أهل السنة .
كما أن الذين قالوا إن الرسول لم يفسر إلى بعض القرآن قد يكونون على حق وصواب، ذلك أن ما وصلنا من السنة القولية في تفسير القرآن الكريم لا يشمله كله ولا حتى جله ، بل لا يتجاوز بعض الآيات التي أشكل فهمها على بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن ثم فإن هذا الفريق لم يعبر أفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتقريراته من قبيل التفسير المباشر لكلام الله تعالى وفضلا عن ذلك فإن
أكثر ما وصلنا من تفسيراته -عليه الصلاة والسلام- قد تزيده علي القصاص والوضاع، وغيرهم من أهل الضلالة والهوى، حتى إن ذلك ليخدش في قيمته العلمية .

وقد نص ابن تيمية وغيره من علماء أهل السنة على ضرورة دراسة ما ينسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا المجال دراسة علمية نقدية تتناول السند والمتن ، وذلك لتمحيص صحيحها من زائفها . وقد تناولنا ذلك بشيء من التفصيل عند حديثنا عن موقف أهل السنة من الحديث النبوي الشريف.

ويستخلص مما سبق أن من قالوا إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسر القرآن كله قد أخذوا بمفهوم التفسير العملي ، وهو الذي كان شائعا في صدر الإسلام. وأما من قالوا إنه - عليه الصلاة والسلام- لم يفسر إلا بعض القرآن الكريم فإنهم أخذوا بمفهوم التفسير النظري وهو الذي ظهر بعد أن بدأت مرحلة تدوين العلوم ، ومن ثم يجوز لنا القول إن كلا الرايين صحيح باعتبار صحة المبدأ الذي صد عنه .

ثالثـــــا : الصحـــابـــة :
اشتهر كثير من الصحابة رضوان الله عليهم بالتفسير ، منهم الخلفاء الأربعة. وأكـثـر من روى عـنه منهـم الإمـام علـي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أما الثلاثة الباقون فلم يرو عنهم إلا النزر القليل ، ومنهم عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير .

واختلف العلماء في حكم التفسير المأثور عنهم ، ويمكننا أن نصنف آراءهم إلى ثلاثة أقسام :
1- من يقول بالأخذ بقول الصحابي في التفسير مطلقا ، وممن قال بذلك الحاكم في تفسيره ، حيث اعتبره بمنزل الحديث المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذهب إلى ذلك ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في "مقدمة في أصول التفسير" : "إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين منهم عبد الله بن مسعود".

بل إننا نجده يتهم كل من يتأول القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف على غير ما أثر عن الصحابة، وذلك حيث يقول : "إن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين ، فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله ، محرف للكلم عن مواضعه ، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالإضطرار من دين الإسلام" .

وفي هذا ما يثبت إيمان ابن تيمية بأهمية قول الصحابي وضرورة الإحتجاج به مطلقا .
2- من يرده مطلقا ولا يعتبره حجة نحو ما ذهب إليه الإمام الغزالي الذي انتصر لعدم الإحتجاج بقول الصحابي . قد رجح الشيخ محمد الخضري قوله على أقوال غيره محتجا بأن "الصحابي ليس محجورا عليه أن يستنبط أو يقيس فلعله قال ما قال عن استنباط أو اجتهاد. وتعيين الأشياء التي لا مجال للرأي فيها عسر ضبطه ، ولنضرب لذلك مثلا أقل الحيض وأكثره ، فقد قال الحنفية : إن أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة ، لا ينقص عن ذلك لحظة ولا يزيد عملا بفتوى بعض الصحابة. وقالوا إن هذا لا مجال للرأي فيه مع أنه من الأمور التي يمكن للفقيه أن يفتي فيها بالمشاهدات وسؤال ذوات الشأن".
3- وذهب الأحناف إلى التفصيل فقالوا : إذا كان قول الصحابي في بيان أسباب النزول ونحوه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع، لانه لا يعقل -عندهم- أن يقول فيه برأيه . ومن ثم اتفقوا على الأخذ به ، كما أنهم اتفقوا على الأخذ بقوله في الأمور التي فيها مجال للرأي شريطة أن تكون مما تعم به البلوى ولم يعرف له مخالف من الصحابة ، وقد اعتبروه إجماعا سكوتيا .

أما إذا كان قوله فيما يكون مظنة للإجتهاد والإستنباط فقد اختلفوا فيه ، فمنهم من اعتبره موقوفا مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي هذه الحالة لا يعتبرونه ولا يأخذون به ، لأنه لما لم يرفعه علم أنه اجتهد فيه، والمجتهد قد يصيب ويخطئ . ومنهم من جعله حجة لظن سماعه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى إن فسروه برأيهم فإصابتهم للحق أقرب لأنهم أدرى الناس بكتاب الله لما شاهدوه وعاينوه من الأحوال حال نزوله ، ولما تلقوه من تفسيره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ونستنتج من مجموع هذه الأقوال ما يلي :
1- تفسير الصحابي له حكم المرفوع مالم يكن للرأي فيه مجال، وهو موقوف إن كان كذلك مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
2- إذا كان قول الصحابي من قبيل المرفوع فلا يجوز رده ، بل يتعين على المفسر الأخذ به ، ولا يعدل عنه إلى غيره .
3- اختلف العلماء في وجوب الأخذ بقول الصحابي المحكوم عليه بالوقف ، وقد يرجح الاخذ به لما يمتاز به الصحابة من جملة صفات وخصائص لا تتوفر في من أتى بعدهم ، والواقع أن المأثور عن الصحابة هو أحد أمرين :
أ- ما يروونه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويكون حكمه عندئذ سنة نبوية يتعين الأخذ بها مطلقا.
ب- ما هو من قبيل الرأي والإجتهاد منهم ، ونقل عنهم الإختلاف فيه، كما وقع بينهم في بعض الأحكام الفقهية التي لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة فهذا يستـأنس به في تأويل النص . أما إذا أجمع الصحابة على رأي فقهي معين فإن قولهم يكون حجة ، فيؤخذ به ، ولا يتجاوز إلى غيره .

وخلاصة الأمر أن قول الصحابي حجة خاصة فيما لا سبيل فيه للرأي ، أسنده أم لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لاحتمال روايته عن الرسول من جهة ، إذ لا يعقل أن يقول برأيه في قضايا لا مجال للإجتهاد فيها.

أما ما يصدر فيه عن رأيه واجتهاده فيؤخذ به مالم يكن فيه مصادرة عقلية ، أو مخالف صريحة لنص مأثور، أو تناقض مع معطيات العلم الحديث .


رابعــا : التابعــون :
عمل التابعون على تفسير القرآن الكريم ، وقد اشتهر منهم في ذلك أعلام منهم : الحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والضحاك .

وقد كانوا يعتمدون في فهمهم للقرآن الكريم على ما جاء في القرآن نفسه ، ثم على صحيح ما روى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم على ما سمعوه من الصحابة من أقوال وآراء ، وعلى ما أخذوه عن أهل الكتاب ، ثم على رأيهم واجتهادهم .

أما حكم تفسير التابعي للقرآن الكريم ، فقد اختلف فيه العلماء ، ويمكننا أن نصنفهم إلى طوائف ثلاث :
الأولى : وهي التي قالت بعدم حجية قول التابعي وقد قال بذلك ابن عقيل، وشعبة بن الحجاج ، وهو أحد روايتي الإمام أحمد ، وهو رأي الإمام أبي حنيفة النعمان الذي كان يقول : إذا آل الأمر إلى الحسن وإبراهيم فهم رجال ونحن رجال.
الثانية : وهي تتشكل من المفسرين الذين يأخذون بأقوال التابعين في التفسير مطلقا، وأحد روايتي أحمد بن حنبل وبعض المالكية .
الثالثة : وأما الطائفة الثالثة فقد ذهبت إلى التفصيل ، فقالوا إذا فسر التابعي القرآن الكريم برأيه فرأيه ليس حجة على من خالفه ، وأما إذا أجمعوا على رأي ما فيكون قولهم حجة وهو ما ذهب إليه ابن تيمية -رحمه الله - "وقال شعبة بن الحجاج وغيره، (أقوال التابعين في الفروع ليست حجة ، فكيف تكون حجة في التفسير) يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم ، وهذا صحيح . أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب من كونه حجة على غيرهم ممن خالفهم ، وهذا صحيح . أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب من كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك".

وتفسير التابعي رغم اعتماده أساسا على الرواية والنقل ، يمكن أن يتطرق إليه النقد من جهات ثلاث :
1- لم يعاصر التابعون الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما يرجح أن ما وصلنا عنهم هو من قبيل آرائهم واجتهاداتهم الشخصية ، مما يجعله لا يرقى إلى قوة ومرتبة المسند إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- .
2- يندر فيه الإسناد الصحيح مما يقوي الشك فيه ، كما أن الصحيح فيه قد اختلط بغير الصحيح بسبب حذف الإسناد .
3- اشتماله على الإسرائيليات التي تسربت إليهم عن طريق أهل الكتاب أو زنادقة الشعوب الداخلية ، مما يشوه -في عمـومـه- صـفاء العقــيدة ،
وواقعية المنهاج الإسلامي في الحياة . ولعل ذلك هو ما جعل ابن تيمية -رحمه الله - رغم ميله الشديد إلى الأخذ بالمأثور والإبتعاد ما أمكن عن الرأي - لا يأخذ بقول التابعي مطلقا ، بل وجدناه يميل إلى التفصيل كما سبق أن بينا.
4- ما لفقه أصحاب المذاهب المتطرفة لإعطاء وجودهم شرعية .

ولا يفهم مما سبق أنه يمكننا أن نتجاوز كل ما قاله التابعون إلى الإجتهاد والرأي بل لا بد من الإستئناس بأقوالهم ، خاصة ونحن نعلم أنهم أدرى وأعلم منا في شتى المجالات التي تعتبر أساسا في فهم النص القرآني ، كاللغة وعلومها وعلوم القرآن ، ثم ما يمتازون به من صفات نفسية عالية ، وما يتمتعون به من أخلاق ربانية تتمثل في الصفاء والزهد ، والورع ، والتقوى والإخلاص، مما يجعلهم عاملين بما علموا. وقد وعد الله سبحانه من كان ذلك شأنه بأن يعلمه مالم يعلم.

خــامســـا : اللغـــة وعلــومهـــا :
من البديهي أن تكون اللغة العربية وعلومها من المصادر الأساسية في تفسير الخطاب القرآني ، ذلك أن القرآن الكريم قد أنزل إلى العرب خاصة، وإلى الناس عامة، ومن ثم فهو يخاطبهم بلغتهم ويتحداهم بأن يأتوا بمثله، فكان ذلك تأكيدا لإعجاز بيانه، وسمو بلاغته .

وقد اشترط العلماء بالتفسير الإحاطة باللغة العربية وعلومها في كل من يريد اقتحام باب التفسير ، وقد نص على ذلك الشيخ أبو زهرة في كتابه "المعجزة الكبرى" ، حيث يقول :"ولا شك أن اللغة هي الأساس الأول لكل هذه المصادر. ولا نقصد باللغة ما تومىء إليه المعاجم فقط ، فإن تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يكون مخالفا للعربية ومعانيها ، لأنه العربي الذي ينطق بجوامع الكلم، وليس في الكلام العربي ما يكون أصدق مصدر للإستعمال العربي الصحيح من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم- ".

وهذا المنهج قد سلكه الصحابة رضوان الله عليهم في تفسير القرآن الكريم ، فكانوا كلما أشكل عليهم معنى آية كريمة راجعوا أهل الفصاحة والبلاغة من العرب الخلص فكانوا يحلون إشكالها بتفسيرها لغويا والإستشهاد على ذلك بما جاء في شعرهم "فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسأل أصحابه عن معنى قوله تعالى في الآية 47 من سورة النحل { أو يأخذهم على تخوف} فيقول له شيخ من هذيل : هذه لغتنا . التخوف : التنقص . فيقول له عمر : هل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ فيقول له نعم ، ويروي قول الشاعر :
تخوف الرحل منها تامكا قردا كما تخوف عود النبعة السفن

فيقول عمر رضي الله عنه لأصحابه : عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية ، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم " .
وقد اشتهر ابن عباس بالرجوع إلى الشعر القديم عند تفسيره للذكر الحكيم مما يدل على معرفته الواسعة بلغة العرب وإلمامه الكبير بغريبها . ومن ذلك ما يروى عنه في تفسير قوله تعالى : {وابتغوا إليه الوسيلة}(1) ، فقال الوسيلة الحاجة ، واستدل على ذلك ببيت من شعر عنترة :
إن الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي

كما أننا نجد علماء المسلمين ينصون على أن من معايير الحكم على تفاسير المفسرين موافقتها لما تعارفت عليه العرب في لغاتها ، فمن تجاوز دلالتها ومعانيها فهو مجحف ، وتفسيره مغرض . وقد نقل صاحب الإتقان عن الزركشي أن من أهم شروط المفسر إحاطته باللغة وعلومها، كما عرض آراء العلماء في هذا المصدر فوجدناهم يقررونه كأساس لأي تفسير سليم ، باستثناء الإمام أحمد في إحدى الروايات المأثورة عنه فإنه يكره الإستشهاد على معنى من القرآن الكريم ببيت من الشعر: "إن القرآن نزل بلسان عربي ، وهذا قد ذكره جماعة ، ونص عليه أحمد في مواضع ، لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنه سئل عن القرآن يمثل له بيت من الشعر. فقال : ما يعجبني ، فقيل ظاهره المنع، ولهذا قال بعضهم في جواز تفسير القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد. وقيل الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ولا يوجد غالبا إلا في الشعر ونحوه، ويكون المتبادر خلافها ، وروى البيهقي في الشعب عن مالك قال : لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلى جعلته نكالا". " .

بل إن العلماء بالتفسير وعلومه لا يجوزون تفسير القرآن إلا لمن كان محيطا إحاطة شافية كافية باللغة وعلومها ، وقد نص على ذلك كثير من العلماء ، من ذلك ما أورده السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن ": "ومنهم من قال يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما :
أحدهما : اللغة ، لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد : لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب " وتقدم قول الإمام مالك في ذلك ، ولا يكفي في حقه معرفة اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر .

الثاني : النحو ، لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب فلا بد من اعتباره ، أخرج أبو عبيد عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها النطق ويقيم بها قراءته ، فقال حسن فتعلمها ، فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها .

الثالث : التصريف ، لأن به تعرف الأبنية والصيع . قال ابن فارس : ومن فاته علمه فاته المعظم ، لأن "وجد " مثلا كلمة مبهمة فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها ...

الرابع : الإشتقاق ، لأن الإسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح .

الخامس والسادس والسابع : المعاني والبيان والبديع ، لأنه يعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى ، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها ، وبالثالث وجوه تحسين الكلام ، وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر" .

مما سبق يتضح لنا أن اللغة وعلومها مصدر أساسي في تفسير القرآن وأي تجاهل له يفضي -لا محالة - إلى التفسيرات الباطلة التي صنفها العلماء بالتفسير ضمن التفسير بالتأويل المذموم . أو التفسير على المذهب .


وفي ختام حديثنا عن مصادر التفسير عند أهل السنة نشير إلى أن المنهج التفسيري الذي وضعوه لا يكفي فيه أن تكون هذه المصادرة الخمسة هي عمدته ، بل لا بد من احترام التسلسل الذي وضعوه بحيث لا نتجاوز المصدر الأول إلى المصدر الذي يليه إلى بعد التأكد بأنه لا يوجد له تفسير فيه . وفي ذلك يقول ابن تيمية : "فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر .

فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ... وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في النسة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن ، والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح ، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ، ومنهم عبد الله بن مسعود " .

ويقول في موضح آخر : "وإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين". وجاراه في ذلك ابن كثير (ت 774هـ) في تفسيره .
وهو نفس رأي الإمام الزركشي (ت 794هـ) في كتابه "البرهان في علوم القرآن"، وإن كان لم ينص على قول التابعي بل تجاوزه إلى ذكر النظر والإستنباط - أي الرأي القائم على أسس علمية رصينة - كمرجع من مراجع التفسير.

ويتضح لنا مما سبق أنه لا يكون متبعا لمنهج اهل السنة في التفسير من فسر القرآن بغير هذه المصادر أو من تجاوز مرحلة من مراحل التفسير إلى المرحلة التي تليها ، كأن يكون للآية المزمع تفسيرها تفسير قرآني ولكنه يتجاوزه إلى تفسير الصحابي أو التابعي .

هذا ما اتضح لنا من خلال تتبعنا لنظرية أهل السنة في التفسير ، وإن كنا نميل إلى أن اتباع منهج أهل السنة في التفسير لا يعني بالضرورة التمسك الحرفي بالخطوات المنهجية التي اتبعوها في تفسيرهم للخطاب القرآني ، بقدر ما يعني عدم التعارض مع المبادئ الأساسية التي سطروها في نظريتهم التفسيرية ، ومع النتائج التي توصلوا إليها في تطبيقاتهم.

كما أننا نلاحظ أن هذه المصادر التفسيرية تنقسم إلى قسمين :
1- مصادر أساسية في التفسير وهي :
أ- القرآن الكريم .
ب- السنة المطهرة .
ح- أقوال التابعين ، ويحتج بإجماعهم على أمر ما ، أما إذا اختلفوا فيستحسن أن يختار أحد أقوالهم .
2- مصادر فرعية ، وهي :
أ- الفقه وأصول الفقه .
ب- علوم البلاغة
ح - علوم العربية .

وهذه تشكل مجموعة العلوم الضرورية التي يتعين على المفسر الإستعانة بها عند مباشرته تفسير القرآن الكريم، ويسمونها العدة الكسبية . وقد وضعوا على رأس هذه المصادر ، شرطا أساسيا ينبغي توفره في المفسر حتى تتحقق أهليته للقيام بهذه الوظيفة الشريفة ، وهو ما تعارفوا على تسميته بالعدة الوهبية ، أو علم الموهبة ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء} .

موقف مفسري أهل السنة من الحديث
لما كان أهل السنة يعتمدون في تفسيرهم للقرآن الكريم على النقل والرواية أكثر من اعتمادهم على الرأي والدراية ، فإننا نجدهم قد وضعوا نظرية نقدية متكاملة الجوانب، وذلك لنقد الأحاديث والأخبار، احترازا من تسرب الموضوعات إلى تفاسيرهم، مما يكون له الأثر السيء على كيان الأمة الإسلامية .

وهذه النظرية النقدية في الحديث تنقسم إلى قسمين :
القســـم الأول :
ينظر إلى المتن خاصة وبالأساس ، وهذا عمل جليل قام به رواد أهل السنة خاصة منهم ابن تيمية الذي بين في "مقدمة في أصول التفسير" بعض الأحاديث المردودة بسبب متنها لا إسنادها . من ذلك قوله : "وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنها صدق ، وقد يقطع بذلك، فعليه أدلة يعلم بها أنها كذب ويقطع بذلك ، مثل ما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل ، مثل حديث عاشوراء وأمثاله مما فيه : أن من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبى ، وفي التفسير من هذه الموضواعات قطعة كبيرة، مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم".
وهذا المنهج ليس حادثا في الأمة بل هو ما جرى عليه الصحابة الذين لم يكن لهم سبيل إلى نقد الحديث النبوي الشريف إلا من حيث المتن ، حيث لا توجد بين الصحابي والرسول -صلى الله عليه وسلم- سلسلة إسناد، فكان أن نما بينهم هذا النوع من النقد الداخلي للنصوص ، وعلى أساسه ردوا كثيرا من الأحاديث التي تأكد لهم مخالفتها لهدى الرسول -صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يتهمون الصحابي ناقل الحديث بالكذب، بل كانوا يحملون ذلك على السهو والنسيان، "وإنما يقع له الوهم غالبا لأحد الأسباب التالية :
1- أن يحدث بما سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يدري أنه منسوخ.
2- أن يقع له انقلاب بين شيئ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايسيك
.
.
ايسيك


مصــــادر التفسيــــــر Empty
ذكر
السرطان
عدد الرسائل : 4
تاريخ الميلاد : 12/07/1980
العمر : 43
كيف تعرفت علينا : عبر google
تاريخ التسجيل : 05/05/2010

مصــــادر التفسيــــــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصــــادر التفسيــــــر   مصــــادر التفسيــــــر Icon_minitimeالجمعة أغسطس 27, 2010 1:43 am

مشكورة سيدتي على مواضعك الجادة والمفيدة جعلها الله في موازين حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مصــــادر التفسيــــــر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
؛°`°؛مُنـتديات مدينة ايت باها °؛° شجرة ألأركان شعار ألمنطقة؛°`°؛ :: 
۞ المنتديات الإسلامية على مذهب السنة و الجماعة ۞
 :: ۞ بيـــــت الـقــرأن الـكــريــــــــم ۞
-
انتقل الى: