مقدمة:
اكتشف مرض السيدا (الإيدز) لأول مرة بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1981، إلا أن هناك جملة من الدراسات تبين وجود حالات الإصابة قبل هذا التاريخ في أماكن أخرى من العالم، إلا أنه لم يتم الكشف عنه آنذاك. و إذا كان مصدر هذا الداء مجهولا فهو الآن داء موجود في جميع مناطق العالم. و يبدو أن الفكرة السائدة الآن تقول بأن مصدر داء السيدا من إفريقيا، علما أنه تم اكتشاف فيروس شبيه بفيروس السيدا عند قردة إفريقية. إلا أن هناك العديد من الآراء و النظريات تفند ذلك. وللإشارة فقط هناك من قال أن هذا الداء من صنع مختبرات تابعة لمخابرات بعض الدول إلا أن هذا يظل مجرد إدعاء بدون أدنى دليل لحد الآن. و لا زال هذا الداء ينتشر في العالم، إذ حسب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة السيدا هناك أكثر من 16 ألف حالة تسجل كل يوم في العالم.
نلاحظ ارتفاعا مستمرا في حالات الإصابة بداء فقدان المناعة، لا سيما بالدول الفقيرة و السائرة في طريق النمو، و التي أضحت تحتضن الآن 95 في المائة من عدد المصابين بهذا الداء في العالم و البالغ عددهم حسب الإحصائيات المتوفرة ما يناهز 40 مليون شخص، علما أن هناك حوالي 5,5 مليون حالة إضافية كل سنة. كما أن ما يناهز 80 في المائة من المصابين هم من الشباب.
و قد تمكنت الدول المتقدمة أن تسجل تراجعا نسبيا لهذا الداء بفضل إمكانياتها المعبئة لمواجهته، إذ أصبح منحصرا في الأوساط المهمشة.
و لا يخفى على أحد أن داء السيدا مازال يعتبر تحديا لرجال العلم و التكنولوجيا الذين فشلوا إلى حد الآن في التصدي لهذا الفيروس الذي يحصد و لازال أكثر من 25 مليون شخص و قد خلف أكثر من 14 مليون يتيم و يتيمة. كما لا يخفى أن داء السيدا أصبح الآن آفة عالمية تصيب جميع الدول، و ينتشر بسرعة و من انه أن يسبب مشاكل صحية و اجتماعية و اقتصادية.
عرفت سنة 1986 تسجيل أول حالة للإصابة بالسيدا في المغرب، وقد تم ذلك بالمركز ألاستشفائي الجامعي لابن رشد بالدار البيضاء، وإذا كانت الآراء تتضارب حول الرقم الحقيقي لحاملي فيروس هذا المرض بالمغرب فان الرقم الحالي حسب الأوساط الرسمية يقارب حوالي20 ألف بالإضافة إ لى 1250 حالة إصابة بداء السيدا، علما أن هناك حالات غير معلنة لا يعلمها إلا الله. وتشير الأرقام إلى أن المتوسط العمري للإصابة يتراوح ما بين 15 و 35 سنة.
وفي الجزائر أعلن مؤخرا عن إحصاء 527 حالة إصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة ووجود 183 1 حامل.
وذكرت وزارة الصحة الجزائرية أن الجزائر تبقى بذلك بلدا ذا نسبة انتشار ضعيفة لهذا المرض إلا أنها ليست بمنأى عن ارتفاع عدد حالات السيدا إن لم تطبق إجراءات وقائية صارمة بصفة منتظمة وذلك نظرا لكونها تتوفر على نسبة شباب عالية ولموقعها الجغرافي كمنطقة رابطة بين القارتين الأكثر تعرضا في العالم للسيدا .
فهذه الحالة تؤشر على أن بلادنا غير محصنة كما يبدو للبعض من أخطار هذا المرض، وذلك ما يستدعي مضاعفة الجهود ليس من أجل توفير العلاج ولكن من أجل الوقاية عن طريق التوعية والتحسيس
وأشار الدكتور حمادي ممثل الوزارة خلال أشغال (الورشة الوطنية للتصديق الاجتماعي حول المخطط الاستراتيجي لمكافحة الأمراض المتنقلة جنسيا وفيروس السيدا إلى أن انتقال المرض عن طريق الجنس أضحى أكثر انتشارا خلال السنوات الأخيرة خلافا للماضي القريب حيث كانت تنتقل العدوى عن طريق الدم. وتمت الإشارة إلى أن فئة العمر الأكثر تعرضا للمرض تتراوح ما بين 20 و49 سنة (1ر79 بالمائة)
ويفيد التوزيع الجغرافي للمرض أن بعض الولايات تعتبر أكثر تعرضا نظرا لوجود عدد كبير من المواطنين المقيمين بالخارج حيث غالبا ما تكون زوجاتهم مصابات بهذا المرض .
وبخصوص الأمراض المتنقلة جنسيا قال أحد الأخصائيين أنها (جد منتشرة وتعد مشكلا حقيقيا في ما يخص الصحة العمومية في الجزائر) موضحا أنها تعد من الطابوهات وغير معروفة جيدا في الوسط الطبي .
تعريف مرض السيدا ( الإيدز) :
الإيدز مرض يسببه فيروس يدخل في جهاز المناعة في الجسم و يعطله مما يؤدي إلى إصابات مميتة و بعض أنواع مرض السرطان . الترجمة الحرفية لاسم المرض هي مرض نقص المناعة البشرية المكتسبة.
و داء السيدا من بين الأمراض المنقولة جنسيا، و هو مرض تعفني فيروسي، ينتقل عبر الإفرازات الجنسية أو بواسطة الدم عبر استعمال المخدرات عن طريق الحقن أو عند نقل الأعضاء.
و يمر داء السيدا بمرحلتين، مرحلة حمل الفيروس و مرحلة المرض. أما في المرحلة الأولى فلا تظهر علامات أو أعراض. أما في المرحلة الثانية فتظهر الأعراض و العلامات، منها الهزال و نقصان الوزن و الإسهال المزمن و ظهور التعفنات و انتشار الأورام. و يتم تشخيص الإصابة بالفيروس بواسطة التحاليل المخبرية. و يمكن الآن التحكم في المرض وتحسين حالة المريض دون التوصل إلى القضاء عليه نهائيا. إلا أن تكاليفه مرتفعة جدا، (200 دولار) شهريا للشخص على الأقل، علما أنه لا يوجد لقاح ناجع للسيدا إلى حد الآن.
من أين يأتي فيروس الإيدز؟
من الصعب معرفة مكان نشأة الإيدز. ولكن من الثابت أن هذا الفيروس ليس من صنع الإنسان ف الجراثيم يمكن أن تتحول أحياناً من كونها غير ضارة إلى ضارة . ربما هذا ما حدث لفيروس الإيدز قبل أن ينتشر بسرعة و يتحول إلى وباء .
كيف يضعف فيروس HIV جهاز المناعة؟
يحتوي جهاز المناعة في أجسامنا على كريات الدم البيضاء في مجرى الدم والغدد الليمفاوية التي تستطيع أن تتعرف على المواد الغريبة أو الجراثيم التي تدخل أجسامنا وتقضي عليها . عندما يهاجم فيروس الإيدز جهاز المناعة في أجسامنا فإنه يبدأ بالقضاء على كريات الدم البيضاء . يمكن أن يبقى الفيروس في الجسم لبعض الوقت بدون أن نصاب بالمرض (أحيانا عشر سنوات) ولكن في نهاية الأمر وعندما يتم القضاء على المزيد من كريات الدم البيضاء يفقد الجسم قدرته على مقاومة الجراثيم الكثيرة التي تعيش داخل أو خارج أجسامنا .
ما هي أعراض الإصابة بفيروس الإيدز؟
غالبية المصابين بفيروس الإيدز لا تظهر عليهم أية أعراض لمدة طويلة ما عدا بعض الأمراض الخفيفة مثل ال حرارة ال مرتفعة أو التهاب الحلق أ و ال طفح ال جلدي أ و غدد منتفخة . قد تظهر هذه الغالبية من الناس بمظهر لائق صحياً و يشعرون أنهم بصحة جيدة بدون أن يدركوا أنهم مصابون بالفيروس . ويبدأ الفيروس بالقضاء على جهاز المناعة بشكل متزايد إلى درجة قد ي موت فيها الشخص المصاب من الرشح.
ما هي عوارض المرحلة الأخيرة من الإصابة بفيروس الايدز؟
العوارض الرئيسية هي:
- فقدان الوزن أكثر من عشرة بالمائة من وزن الجسم .
- حرارة مرتفعة لأكثر من شهر .
- إ سهال مزمن لأكثر من شهر .
- تعب حاد مستمر (إعياء) .
العلامات الثانوية هي:
- سعال مستمر لأكثر من شهر .
- ت عرق غزير أثناء الليل .
- ط فح جلدي مع حكة .
- عدوى فطرية في الفم والحلق .
- غدد منتفخة .
هذه الأعراض هي علامات عامة و شائعة أيضاً في كثير من الأمراض فينبغي أن لا ننسى أنه لا يمكن التأكد من الإصابة بفيروس الإيدز بواسطة فحص الدم .
كيف تنقل العدوى بفيروس الايدز؟
تنتقل العدوى بفيروس الإيدز بواسطة :
- الاتصال الجنسي بكافة أشكاله مع الشخص المصاب سواء كان ذكراً أم أنثى (حوالي تسعين بالمائة م ن الإصابات ).
- ن قل الدم الملوث أو مشتقاته من المصاب إلى السليم .
- ا لأدوات الجارحة أو الثاقبة للجلد الملوثة بدم الشخص المصاب كالإبر ا و شفرات الحلاقة ا و أدوات الوشم . تعتبر حقن المخدرات من أخطر وسائل العدوى بفيروس الإيدز فضلاً عن أضرارها الكثيرة الأخرى .
- من الأم المصابة إلى جنينها أثناء الحمل أو الولادة .
- مشاركة مقاعد المراحيض و شراشف السرير أو المناشف أو الملابس الداخلية الملوثة.
ما هي العلاقات أو الطرق الآمنة التي لا تبعث على الخوف؟
البعوض و الحشرات بأنواعها .
دورات المياه العامة .
التعامل مع مريض الإيدز .
المصافحة والملامسة والمعانقة والعطس .
الطعام والشراب والمرافق العامة .
كيف يمكن تجنب الإيدز؟
- التعفف عن العلاقات الجنسية غير الآمنة.
- ت جنب الحوادث التي تضطرك إلى عمليات نقل الدم .
- ع دم المشاركة في استخدام الأدوات الجارحة كأدوات الحلاقة .
- تجنب استعمال الأدوات الثاقبة للجلد كالإبر الصينية وأدوات الوشم أو ثقب الأذن إلا تحت إشراف طبي.
- الامتناع عن مشاركة المناشف و الثياب الداخلية مع أي كان.
- التأكد من نظافة المرحاض قبل استعماله.
مكافحة المرض:
- تدعيم الوقاية عن قرب .
- إدماج محاربة السيدا في البرامج التعليمية.
- التكفل بالأشخاص المصابين.
- ا لتزام المواطنين بشروط الوقاية و حماية أنفسهم لحماية الغير.
- التزام الحكومات و السياسيين و أصحاب القرار للحد من انتشار هذا الداء الخطير. ولن يتم هذا إلا في إطار توفير التغطية الصحية المجانية للفقراء و المعوزين ومحاربة الفقر و البطالة و السكن غير اللائق و تحسين ظروف العيش.
ما هي النصائح التي تعطى للمصاب؟
- الامتناع عن التبرع بالدم أو الأعضاء .
- ا لامتناع عن الجماع غير المشروع .
- ا لامتناع عن الحمل .
- إ بلاغ طبيب الأسنان بمرضه عند مراجعته لعلاج أسنانه .
- غ سل ملابسه الملوثة بالمفرزات التناسلية واستعمال المواد المنظفة .
- إ ذا ما جرح يجب تضميد جراحه بنفسه أو إخبار من يقوم بتضميد جراحه .
- إ ذا نزف الشخص المصاب يجب إزالة الدم المنزوف عن المكان الذي وقع عليه .
- بمجرد الغسل بالماء والصابون يموت الفيروس.
الخاتمة
إن مرض فقدان المناعة العضال، والمصطلح على تسميته بدا ء السيدا من أكثر الأمراض التي تثير الاهتمام. وأن أحسن طريق لمكافحته هو الوقاية منه و التوعية . التوعية يجب أن تتركز في الأسرة وفي المدرسة، وأن تكون مبنية على طرق واضحة وبسيطة ومؤثرة حاليا .
إ ن الشباب أصبحوا اليوم أكثر وعيا بهذا المرض . إن أربعة من كل خمسة أشخاص حاملين للفيروس هم من الشباب.
على الصعيد العالمي، فإن الميزانية ترصد لثلاثة أغراض وهي الأبحاث، والعلاج، والتوعية، ولحد الآن فإن العلاج هو الذي يأخذ النصيب الأكبر من هذه الميزانية، إلا أنه للأسف، فإن نسبة عشرة في المائة فقط هي التي توجه للدول النامية حيث يشكل هذا الداء مأساة حقيقية .