zakri74 ....
عدد الرسائل : 2133 تاريخ الميلاد : 01/01/1984 العمر : 40 العمل/الترفيه : كيف تعرفت علينا : عبر google تاريخ التسجيل : 29/05/2009
| موضوع: "دعوة إلى دين الإسلام بين القبائل " 1/1 الخميس يوليو 23, 2009 3:25 pm | |
| إن الدعوة إلى دين الإسلام ابتدأت في المغرب منذ الفتح الإسلامي، كغيره من بلدان العالم الإسلامي، وكان سكان المغرب الأقدمون هم من البربر الأمازيغ (أبناء مازيغ).
وقد انتشر الإسلام بين سكان الشمال الإفريقي كلهم تدريجيا بانتشار الفتوحات والاحتكاك بالمسلمين الأوائل الفاتحين، غير أن التاريخ لم يسجل إلا الفتوحات الرئيسية، ولم يسجل آثارا ووثائق لإثبات كيف تدرجت الدعوة الإسلامية بين السكان.
ومما تجدر الإشارة إليه أن رجالا من أصل بربري برزوا في أوائل الفتوحات كقادة، أبرزهم طارق بن زياد. وخطبته باللغة العربية التي ألقاها على الطلائع الأولى للفاتحين الذين دخلوا الجزيرة الخضراء (الأندلس) مشهورة.
بداية تكويـــن المدارس:
إن أول المدارس التعليمية التي يذكرها التاريخ بالمغرب كانت من تأسيس أحد العلماء العاملين من سوس الأقصى (جنوب المغرب الأقصى) وهو وكاك (وجاج) بن زلو اللمطي، ومنها استفاد قادة الدولة المرابطية، الذين أسسوا دولتهم في القرن الخامس الهجري، وكان شيخهم ومعلمهم عبد الله بن ياسين تلميذ الشيخ وجاج المذكور، وإن كان بعض المؤرخين يذكر جامع القروين كأول جامعة بالمغرب، أو أول جامعة في العالم، ولكن لم يتحقق من تاريخ بدء التعليم بجامع القروين، الذي بدئ في بنائه سنة 245هـ بتمويل من السيدة فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري في عهد دولة الشرفاء الأدارسة، ومن المعلوم أن الدولة المرابطية كانت بدايتها من تاريخ: 430 إلى 541 للهجرة.
وقد تأسست المدارس القرآنية والعلمية (الأهلية) بكثافة في القرون الأخيرة، ومن المفترض أن تكون بدايتها منذ القرن السابع أو الثامن الهجري. ومن المعلوم أن تكوين المدارس هي الركيزة الأولى الدائمة والكفيلة باستمرار الدعوة، حسب الإمكانات المتوفرة في كل عصر. ولنقتبس الفقرات التالية من تاريخ التأسيس لأول مدرسة بين البربر والملثمين الصنهاجيين:
"لما انتهت رئاسة الملثمين إلى يحيى بن إبراهيم الكدالي أناب عنه ابنه إبراهيم ثم رجل إلى الشرق حاجا سنة 427 هـ، وعند رجوعه اتصل في أفريقية بأبي عمران الفاسي الذي استوطن القيروان قبل ذلك بمدة طويلة، فرارا بنفسه من غمرة الأحداث الخطيرة التي عرفتها فاس بعد سقوط دولة بني أمية، واستفاد يحيى من علمه الغزير، ورجاه أن يبعث معه طالبا من طلابه ليفقه الملثمين في شؤون دينهم، فلم يجد من بين طلبته بالقيروان من يقبل هذه التضحية –على شرفها- وحينئذ كتب له كتابا إلى أحد تلاميذه: وجاج بن زلو، وكان قد تلقى عنه العلم بالقيروان ثم أسس بعد رجوعه أول مدرسة معروفة خصصت لدراسة العلم بالمغرب بسوس، وكانت تدعى بمدرسة أجلو". (وتقع قرية أكلو –أو أجلو- قرب مدينة تزنيت التي تبعد عن مدينة أغادير بنحو 80 كم جنوبا).
"وقد اختار الفقيه وجاج لهذه المهمة تلميذه عبد الله بن ياسين الذي قبل العمل -يعني مع المرابطين- من أجل صلاح الإسلام عن طواعية.(1)
ومهمة التعليم الديني غالبا ما تكون إمداد المجتمع بالأطر الضرورية كالأئمة، الذين يقومون بمهمة التعليم الأولي والوعظ وإسداء كافة الخدمات الدينية اللازمة للمجتمع، غير أن هذه المهمة قد لا تكفي أحيانا، إذ سرعان ما يألف الناس هذه الرتابة ويعملون فقط من أجل سد الفراغ الذي يُعَد سده ضروريا، ثم تبقى مهمة الدعوة مثل القيام بمهمة الوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصحيح المفاهيم المنحرفة، تبقى هذه المهمة الأخيرة مهملة، وبدون وجود القائمين عليها.
تكويــن الزوايـــا:
وقد ظهرت بعض الزوايا بحسن نية، قصد تصحيح مفاهيم الناس حول الإسلام، وتكوين المتوجهين إليها تكوينا إلزاميا، وقصد التشبع بمفاهيم الإسلام وتعاليمه، إلا أن كثيرا منها يغلب عليه الميل إلى الصوفية والطائفية.
فمن بين الزوايا المشهورة بجنوب المغرب وبين القبائل الأمازيغية (البربرية) في سوس: الطريقة الناصرية، ويتزعمها مؤسسها الشيخ أمحمْد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن ناصر، الفقيه المصلح الذي يؤثر عنه أنه يلتزم السنة، وهي الطريقة الأولى التي قيل إنها تأسست على مبادئ السنوسية المشهورة، وبقيت طريقته حتى الآن ليس فيها طقوس ولا خرافات ولا بدع كبقية الطرق، حتى إنه كان يصلي الجمعة –على ما يذكر عنه- ولا ينصر الملوك، وإن كان لا يبخل عنهم بالدعاء. وله بعض المؤلفات: منها "الفتاوى الناصرية". وقد عاش هذا الشيخ في القرن الـ 12 الهجري.
وفي عهده وعهد خلفائه (أبنائه) ازدهر الوعظ وانتشرت المدارس في القبائل بكثرة، وكان رؤساء القبائل يطلبون منه الفقهاء والأئمة لمدارسهم، ويخرج الطلبة جماعات من المدرسة الناصرية، في كل موسم (صيف) لغرضين: جمع الأعشار والمحاصيل لتمويل المدرسة، وفي نفس الوقت القيام بالتوعية والوعظ بين الناس. وتقع هذه المدرسة بإقليم زاكورة المتاخم لإقليم ورزازات في الجنوب الشرقي من المغرب، وقد انتفعت هذه النواحي كلها بالمتخرجين في هذه المدرسة، ولهذا الإمام صيت كبير، كأستاذ معلم وصاحب مدرسة، وكذلك كصاحب طريقة مشهورة، وقد تخرج في مدرسته وعلى يديه علماء مشهورون بالمغرب، أشهرهم العلامة الذائع الصيت صاحب المؤلفات الشيخ الحسن اليوسي. إلا أن دور هذه الطريقة حاليا في مجال الدعوة لا يكاد يذكر، والزاوية الناصرية ما زالت قائمة مكانها في قرية تمكروت إقليم زاكورة. وكذلك المدرسة، ولها خزانة كتب مشهورة.
ونبغ من بين المتخرجين فيها داعية مشهور ما زالت كتبه حتى الآن تقرأ وتدرس، وقد ألفها باللهجة المحلية (تَشلحيت) التي ينطق بها أهل سوس، منها كتاب فقهي بجزأين يشتمل العبادات والمعاملات، يسمى (الحوض) وله شرح في مجلدين كبيرين، وله كتاب في المواعظ والحكم منثور، يسمى (بـحر الدموع) وشعره مؤثر، يحفظه الناس، خاصة الذين يريدون أن يتخصصوا في الدعوة.
الطريقة الثانية: هي الطريقة الدرقاوية، وقد أنشئت هذه الطريقة أصلا واشتهرت على يد مولاي العربي الدرقاوي المتوفى سنة 1239هـ وعمره نحو 80 سنة، وكان يعيش في قبيلة بني زروال قريبا من مدينة فاس شمال المغرب، وله كتاب (الرسائل). وهي رسائل إلى مريديه وتلاميذه، ومهمته الأولى التربية على منهاج المتصوفين، بتربية الأميين على التقشف ولبس المرقعة، ثم انتشرت هذه الطريقة في جنوب المغرب على يد الفقيه الحاج علي الدرقاوي، والد العلامة المؤرخ المشهور الذي عاش إلى ما بعد استقلال المغرب، وعين وزيرا للأوقاف ثم وزيرا للتاج في عهد محمد الخامس إلى أن توفي في عهد الحسن الثاني. وهو الأستاذ: محمد المختار السوسي.
وكان للحاج علي الدرقاوي منهاجه المتميز، حيث جمع بين العلم الشرعي والتربية الصوفية، غير أنه كان أكثر ميلا إلى التصوف، وله كتب باللغة العربية وباللغة المحلية، وله قصيدة طويلة باللغة العربية نظم فيها وقائع رحلته إلى الحجاز عندما حج سنة 1305هـ وتقع هذه الرحلة في نحو 68 صفحة بمعدل 30 بيتا في كل صفحة، ومن جملة كتبه: ترجمة كتاب الفقه المشهور بالأمير. في فقه المذهب المالكي.
وطائفته يغلب على أهلها الوعظ والإرشاد وحفظ الأشعار التي تحث على التزام الإسلام والأخلاق، وما إلى ذلك، ولهم جولات في شتى البلدان التي يعرفون فيها، غير أن لهم بعض الطقوس يلتزمون بها كالذكر الجماعي والتزام نوع من الطرب عند الذكر، والتمايل والقيام إلى أن يضربوا بأرجلهم وأيديهم في حركات معروفة عندهم.
وكان للطريقتين السالفتي الذكر تأثير حسن في كافة العامة في البوادي وغيرها، حيث كان لالتزام أهلهما بالإسلام وحثهم الناس عليه بالغ الأثر، ثم دخلت الطريقة التيجانية مؤخرا، ونافست الطريقتين السابقتين، ولكن أهلها يغلب عليهم الانعزال عن العامة، ويحاولون جذب الخاصة كالفقهاء والأغنياء، وقد اقتنع بها كثير من هؤلاء وأولئك، وبسبب ذلك فهي لا تُعنى بالدعوة العامة للإسلام، ولكن لشيوخها والمتقدمين فيها مؤلفات تهتم بالدرجة الأولى بنشر الطريقة والدعوة إليها ونشر محاسنها.
. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|