قال الله سبحانه وتعالى ? وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) ? [سبأ (13)] فهل نشكر الله على النعم التى أنعمها علينا ؟ وإذا كنا نشكره فهل نشكره بالطريقة الصحيحة أم لا ؟ وهل نشكره على كل النعم أم لا؟ لقد تناول الشيخ عمر عبد الكافى قضية الشكر بمحاورها المتعددة فى برنامج هذا ديننا ، وهذا المقال يعرض لبعض النقاط التى تناولها فى موضوع شكر الله .
ما هو معنى الشكر لغويا؟
أحمد الله وأصلى على الصادق المعصوم أما بعد، إن العرب يقولون فرس شكور يعنى كفى بسمنه العلف القليل ، حيث ظهرت عليه آثار النعمة من العلف القليل فهذا فرس ممدوح. وقالوا عين شكرى يعنى عين ممتلئة بالماء ، ويقولون دابة شكور أي ظهرت عليها النعمة. وبالتالي فإن العربي عندما سمع لفظ شاكر وشكور فقه ما لم يفقهه الإنسان فى العصر الحالي ، حيث أن الشكر هو ظهور نعم الله على العبد . ولذلك فإنما عندما أشكر فإنني أشكر لنفسي ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه لأن الشكر يستدعى من ثمرته الزيادة حتى أن كليم الله موسى قال يارب كيف أشكر ك وشكرك نعمة تستوجب الشكر لأنها نعمة لا يعرفها كل الناس قال الآن قد شكرتني لأنه لا يشكر إلا من يرضى الله عنه . والله يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ولكن لا يعطى الدين إلا لمن أحب والشكر يعتبر سنام هرم الدين حيث قال الله عز وجل ? وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) ? [سبأ (13)]
هل هذا يعنى أن الشكر نعمة من الله عز وجل؟
نعم هي منه وهبة من الله عز وجل لأن الله قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق ومن رضي الله عنه أعطاه الخلق الحسن والشكر يعتبر من هذا الخلق الحسن . ولذا شعر موسى أنه عاجز عن الشكر حيث أن العجز عن الإدراك إدراك ولذلك فقد سأل ربه كيف يشكره وقال الله يا كليمي الآن شكرتني لأنه فقه المعنى أن الشكر منحة ومنه من الله لأن شكر النعم ليست لكل البشر. .
إذا كان الشكر منحة فكيف نشكر ؟ وقد يقول البعض إنني لا أشكر لأن الله لم يعطني منحة الشكر؟
إن الله قد أعطانا النعم ورزق كل العباد نعمتين وهما نعمة الإيجاد ثم نعمة الإمداد ، ويشترك العالم بأسره في هاتين النعمتين ، بينما تفرد المسلم بنعمة الهدى والرشاد التي لم يرزقها الله إلا لمسلم أو مؤمن . فهي النعمة التي يختص بها الله عباده المؤمنين حيث أنه يعطى نعمة الهدى والرشاد لمن طرق باب الهدى والرشاد ومن ثمرات هذه النعمة الشكر. فالعبد يستوجب النعمة عندما يطرق بابها والنعم تأتى لأهلها ، والعبد عندما يشكر النعم تزيد ، حتى أن العرب عرفوا الشكر تعريفا طيبا وقالوا أنه " قيد النعم الموجودة وصيد النعم المفقودة " . وذلك لأن الشكر يقيد النعم الموجودة ويحفظها بشكرها ويكون بمثابة دعاء ليعطيه الله النعم المفقودة . ونأخذ مثال على ذلك جارحة العين فكيف أشكر الله عليها حيث أنها نعمة من الله. وقد قالوا أن أعظم شكر لله في جارحة العين هو أن أستر بها عورات المسلمين وألا أتجسس بها على الناس . ونجد تطبيق ذلك في الواقع العملي في بيوت كثير من المسلمين حيث كثرت الشكاوى في هذه الأيام من أن الزوجة مثلا قد تتجسس على هاتف زوجها ، وكذلك الزوج أيضا ، وهو ما يعتبر أمر غير طيب.
ما هو رأيك في شكر الناس؟
نحن يجب أن نصنع الخير حتى نشكر الله على نعمته علينا حيث جعلنا مسلمين . فعندما ينظر المسلم لغير المسلم يحمد الله أن رزقه نعمة الإسلام . فلقد كان الشافعي يقول يارب رزقتني الإسلام ولم أسألك فأرزقنى الجنة وأنا أسألك . ولكنى أريد أن أستكمل النقطة السابقة والتي توقفت عندها وهى التجسس ، حيث نهى الله عن التجسس وقال ? وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) ? [سبأ (13)] " لا تجسسوا". ولكن بعض الأفراد يستثنوا أنفسهم من هذا الأمر كالزوجة أو الزوج كما قلنا من قبل فلقد قال الله لا تجسسوا للجميع ولم يستثنى أحدا من هذا الأمر . .
هل يعتبر ما يفعله الزوج أو الزوجة في البيوت أن يكون احدهم فضوليا بحيث يرى أمور الطرف الآخر من وراء ظهره يعتبر تجسس؟ وهل يعتبر هذا مباح؟
هذا نوع من التجسس ، حيث يجب ألا يتجسس الزوج على زوجته ولا الزوجة على زوجها لأن البيوت تقام على النظافة واليقين والصدق ومثل هذه الأمور الطيبة . فكيف يصلى كل طرف منهما وفى قلبه أثر من حقد أو ضغينة أو كراهية ، ومتى تتفرغ هذه الزوجة لشكر الله عز وجل، ومتى يتفرغ هذا الزوج لعبادة ربه سبحانه وتعالى إذا لم يستشعر الأمان في بيته . وإذا تحدثنا عن نقطة إخراج أسرار البيوت فإننا نود أن نذكر أن الله سمى إخراج أسرار البيوت خيانة حيث وصف امرأة نوح وامرأة لوط بقوله كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فهل تضمن الزوجة ألا تنتشر أسرار بيتها لأصدقاء زوجها وهل يضمن ذلك الزوج في عدم خروج أسرار بيته وهذا شيء غير طيب لأن إخراج أسرار البيوت يعد عدم شكر على نعمة الزوجية لأنها نعمة وشكرها يستلزم أن أنظر للمحاسن وأتغاضى عن العيوب .
هكذا يكون الشكر إذن؟
نعم ، فالشكر لا يكون بمجرد تقبيل اليد فقط لأن هذا يعد مجرد كلام .
للحديث بقية ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته