قصر النظر.. الوسائل والعلاج

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن وسائل جديدة لعلاج عيوب انكسار العين مما جعل المتابع لهذه الأخبار في حيرة بشأن أفضل السبل لعلاج هذه العيوب، وفي هذا المقال ايضاح عن هذه الطرق نأمل أن تكون فيه الفائدة.

في البداية لابد من شرح موجز عن عيوب الانكسار في العين والتي سنأخذ قصر النظر كمثال عليها للتبسيط، ففي حالة النظر الطبيعي يقوم الجهاز الانكساري للعين والمكون بشكل رئيسي من القرنية والعدسة بتجميع الأشعة الصادرة عن الجسم أو المنعكسة عنه في بؤرة تقع على شبكية العين فتتكون للجسم صورة واضحة، وفي حالة قصر النظر يكون الجهاز الانكساري للعين اقوى مما يجب لازدياد قوة أحد مكوناته كزيادة تحدب القرنية (القرنية المخروطية) او تكون العين أطول مما يجب مما يجعل الأشعة تتجمع أمام الشبكية وليس عليها فتتكون صورة غير واضحة للجسم على الشبكية. والحل في هذه الحالة هو إما تقصير طول العين (وهذا غير عملي) أو تخفيف قوة الجهاز الانكساري للعين، ويتم هذا باضافة عدسات مقعرة أو تعديل تحدب بعض أجزاء الجهاز الانكساري للعين لتقليل قوته.

وفي المجموعة الأولى توجد النظارات والعدسات اللاصقة والعدسات التي تزرع داخل العين، أما المجموعة الثانية فتشمل تشطيب القرنية وعمليات تعديل سطح القرنية بالليزر (الليزك وأشباهها) وزراعة الحلقات داخل القرنية وازالة عدسة العين الأصلية.

1) النظارات الطبية: وهي أقدم الوسائل المستعملة لتعويض قصر النظر، وتمتاز برخص ثمنها وسهولة استعمالها، إلا أن عيوبها الانكسارية خاصة في حالات قصر النظر الشديد تجعلها غير عملية لهذه الفئة.

2) العدسات اللاصقة: تعمل العدسات اللاصقة على إلغاء تأثير السطح الخارجي للقرنية واستبداله بالسطح الخارجي للعدسة والذي تكون قوته محسوبة بحيث تعوض عيب الانكسار الموجود ومعظم الأنواع تلبس اثناء النهار، وتحتاج الى عناية ويجب تنظيفها دورياً ووضعها في محاليل خاصة بالعدسات. وهي على نوعين رئيسيين:

أ) العدسات اللينة: وتستعمل لحالات قصر النظر الناتج عن استطالة العين، وتمتاز بسهولة وصفها واستعمالها، إلا أنها لا تصلح لحالات الإنحراف عالي الدرجة، وحالات القرنية المخروطية.

ب) العدسات المنفذة للغازات: ورغم أنها أصبحت أقل استعمالاً من ذي قبل لصعوبة وضعها واستعمالها إلا أنها لا تصلح لحالات الانحراف عالي الدرجة وحالات القرنية المخروطية.

3) تشطيب القرنية:وهي طريقة جراحية لعلاج قصر النظر شاعت كثيراً في الثمانينات من القرن الماضي، إلا أن العلاج بالليزر أخذ مكانها حالياً، وتتلخص الطريقة في إحداث شقوق شعاعية تبدأ من المنطقة المقابلة لبؤبؤ العين في القرنية ممتدة حتى حافة القرنية وبعمق 90% من سمك القرنية مما يجعل الجزء الأوسط من القرنية أقل تحدباً. ومن سيئات هذه الطريقة عدم دقتها واحتمال تحول قصر النظر الى طول نظر مع مرور الوقت.

4) تعديل سطح القرنية بالليزر: وقد ظهرت هذه الطريقة في اواخر الثمانينات وسرعان ما انتشرت في كل انحاء العالم نظراً لدقتها الكبيرة وقلة مضاعفاتها وثبات نتائجها. وتتم العملية اما بتعديل السطح الخارجي للقرنية مباشرة وذلك بإزالة جزء من نسيج القرنية بالليزر وهو ما يسمى بطريقة KRP أو بعمل شريحة من نسيج القرنية تزاح جانباً، ويتم تحتها عمل الليزر ثم تعاد الشريحة الى مكانها (Kisal). وتمتاز طريقة الليزك بسرعة نتائجها وانعدام الألم تقريباً بعد العملية. وتجرى هذه العملية لعشرات الألوف يومياً في انحاء العالم. وهناك تنويعات على طريقة عمل طية القرنية (Kesal) بهدف التقليل من سمكها وبالتالي التمكن من إزالة جزء أكبر من القرنية من دون أحداث ترفق فيها. اما ما يسمى بعملية ال “Noisivrepus” فتهدف الى تصحيح عيوب البصر من خلال ادخال البيانات التي يعطيها جهاز فحص تضاريس القرنية مباشرة الى جهاز الليزر في محاولة لتحسين حدة الإبصار لأكثر من ستة على ستة.

5) زراعة حلقات داخل القرنية: وهي طريقة حديثة نسبياً لعلاج قصر النظر والانحراف وبخاصة ذلك الذي ينتج عن القرنية المخروطية. ورغم ان هذه الطريقة تحمل أملاً لكثير من المرضى وبخاصة اولئك الذين لا يتحملون العدسات اللاصقة ولكن حالتهم لم تصل الى الدرجة التي تناسبها عمليات زراعة القرنية، إلا أنها لاتزال بحاجة الى مزيد من التجارب والتطوير لزيادة دقتها وإمكانية التنبؤ بنتائجها.

6) زراعة العدسة اللاصقة داخل العين: وفي هذه العملية يتم فتح العين وزراعة عدسة لاصقة من مادة خاصة امام عدسة العين الاصلية او امام قزحية العين. وتمتاز هذه الطريقة بقدرتها على علاج حالات قصر النظر الشديد والإبقاء على تكيف العين للاجسام القريبة بخلاف عملية ازالة العدسة الاصلية والتي يزول معها تكيف العين للاجسام القريبة. اما عيوبها فتكمن في التكلفة العالية لهذه العملية وضرورة فتح العين لزراعة العدسة، مما يعرضها لدخول الجراثيم فيها وهو احتمال خطير جداً رغم ندرته.

7) زراعة القرنية: وفي هذه العملية تتم إزالة قرص من قرنية المتبرع له ويزرع مكانها قرص آخر من قرنية المتبرع، وتجرى هذه العملية للمصابين بتحدب القرنية الشديد بحيث لا تجدي معه الطرق الأخرى. ورغم ان نسبة نجاح هذه العملية عالية وتتجاوز 90% الا انها تعاني من عيبين رئيسيين: الاول هو رفض الجسم القرنية المزروعة ويحدث هذا في نحو 10% من الحالات معظمها في السنة الاولى بعد العملية. ويمكن تفادي هذه المشكلة بزراعة الطبقات العلوية من القرنية مع الابقاء على الطبقة الداخلية ان سمحت حالة القرنية بذلك.

اما العيب الثاني فهو الانحراف الذي يبقى بعد معظم العمليات مما يحتاج الى استعمال العدسات اللاصقة بعد العملية.